انه الداء الذي يصعب دواؤه، فقد وصف الإنسان في القرآن الكريم على أنه ظلوم جهول، أي ظالم لنفسه وعدو لما يجهل، ولذلك ما يحدث من سلوكيات مبتكرة ومبتدعة عند بعض الناس نجده يتناقل ويقلد من دون وعي لتصبح الغالبية العظمى من الناس تسير على نفس النهج، والتقليد سبب للظواهر الاجتماعية وسبب تغير الثقافات والعادات والتقاليد، والتقليد الاجتماعي ناتج عن فتنة، وفي الغالب الفتنة تكون كالموجة العالية فتجر معها الصالح والطالح، فالصالح يقاوم وينقذ نفسه والطالح يسير معها أينما سارت.
إن التقليد مرض اجتماعي لا تحكمه أعراف ولا دين، بل الأمر يتعدى ذلك فيختلط بالأهواء ويبرر بتبريرات عقيمة لصالح الأهواء الاجتماعية، لذلك وجب التعليم الجيد والتغذية الفكرية السليمة المبنية على عدة أمور منها: القراءة النوعية - الاعتدال السلوكي - القيم - الالتزام الديني، فمن يخرج عن دائرة قواعد التنشئة الفكرية السليمة فقد اختل ميزان نظرته للأمور.
فعلى سبيل المثال نجد صرعات الموضة في التعري والتبرج وعمليات التجميل وغيرها سريعة الانتشار ليس على المستوى الإقليمي بل على المستوى العالمي، كذلك ظاهرة «الفاشنستات» و«البلوقر» وغيرها بعدما انتشرت أيضا على مستوى العالم، كذلك أصبحت ظاهرة «التفلت» وعدم الالتزام بالدين أمرا شائعا، كما صارت الاحتفالات المتلونة بصرعاتها الحديثة وبمناسباتها المبتدعة أمرا مغريا للغالبية من الناس إقليميا وعالميا أيضا، الرطانة (راجع عزيزي القارئ مقال ازدواجية اللغة).. والكثير من تلك الظواهر الاجتماعية والتربوية التي سبق وأن كتبت عنها في مقالات سابقة، والتي يتعادى منها البشر كفيروس «كورونا».
فالتقليد الاجتماعي نوعان، طويل الأمد وهذا ما يغير في ثقافة الشعوب واندثار هويتها ولغتها، وقصير المدى وهو ما يطلق عليه في مجتمعنا بالهبات، مثل قصات الشعر - ارتداء لون معين - اقتناء سيارة معينة...إلخ.
فالتنشئة الاجتماعية والنفسية للأبناء تلعب دورا كبيرا في بناء قوام شخصية تتمتع بصحة نفسية سليمة ناتجة عن فكر سليم، وهنا يأتي دور الأسرة والمدرسة في التعاون البناء في صناعة جيل يحلل ويقيم كل ما يستقبله من أفكار وسلوكيات واتجاهات دخيلة على مجتمعه بما يتوافق مع خلفيته الثقافية والعقائدية، وبذلك تتم مقاومة أي سلوك يكون محط انتقادات جمة من قبل أفراد المجتمع لتضاربها مع قيمه الإسلامية التي هي مرجع كل طبيعة إنسانية صرفة والتي تكفل الأمن الاجتماعي بأبعاده النفسية.
والشراكة التربوية بين الأسرة والمدرسة في التأسيس هي في الأصل صناعة حضارة يمتد خيرها عبر أجيال وأجيال، إن تم تأسيسها على مبادئ وقيم قد تأصلت وغرست بشكل صحي سليم غير مهزوم وغير فوضوي وغير متناقض فإننا نسلم وتسلم أجيال تشكر نعمة عطائنا لهم.. عطاء احتواهم من كل وباء اجتماعي.
LinesTitle@