بلا شك أن قيمة غض البصر لها شأن عظيم في رفع أخلاقيات أمة بأكملها، فهو يلعب دورا كبيرا وواضحا في صيانة الأعراض واحترام الآخرين وعفة النفس، وللأسف فإنها من الأمور المهملة والمندثرة في ثقافتنا كمسلمين في وقتنا الحاضر، فلم تعد الأسرة تنشئ الأبناء (الذكور والإناث) على غض البصر، ولم يعد للمدرسة أي دور فعال في غرس تلك القيمة في أبنائنا المتعلمين، فغض البصر قيمة حث عليها القرآن والسنة النبوية الشريفة، يقول الله عز وجل في محكم كتابه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون) (النور:30-31)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، قال: فأما إذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه، قالوا: يا رسول الله، فما حق الطريق؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر» (رواه البخاري ومسلم).
لو كان المسلمون اليوم يحرصون على قيم ومبادئ الدين الإسلامي لكفوا أنفسهم عن ظواهر ومشاكل اجتماعية جمة، فهي ليست فقط مبادئ إسلامية وحسب وإنما هي مهارات اجتماعية نفسية تؤثر فينا من الناحية الفسيولوجية والسلوكية وفكرية، ولعلنا ننبهر بها نحن المسلمين عندما نراها مغروسة في خلق أعداء الدين، ونحن أحق بتلك المهارات تغرس فينا كثقافة، من أجل بناء نفسي واجتماعي قوي ينعكس على الفرد والمجتمع، فغض البصر يجب أن يكون على سبيل المثال عن «غرفة الوالدين والاستئذان عند الدخول - عن جميع النساء الأغراب وإن كانوا من صلة الرحم - عن الأخوات - عند دخول البيوت - في الأسواق - داخل بيئة العمل - في الأماكن العامة... والكثير من الأماكن التي تتطلب منا ترويض أنفسنا وتعليم أبنائنا قيمة غض البصر، فمن فوائد غض البصر:
- تزكية للنفس
- عفة لكلا الجنسين
- رقي
- تحضر
- قوة
- فكر
- احترام
- أمان وسلام
- صبر
- خلق عظيم
وحتى نضمن لأبنائنا مستقبلا زاهرا باهرا، يجب الاهتمام بغرس القيم قبل تطوير المناهج المدرسية والنظم.
ويقول الشاعر:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا...
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه
فقوم النفس بالأخلاق تستقم
وفي الختام: إن التركيز على القيمة يبدأ من خلال مجتمع المدرسة وتحديدا بترويض المعلمين والمعلمات عليها ومن ثم غرسها في أبنائنا، انها مهمة يجب إلقاء النظر عليها من خلال التلقين 20% والملاحظة والتفاعل 80% لتتمكن وزارة التربية بعدها من بناء أفضل النظم واللوائح وتطوير أفضل المناهج بيسر واستقبال الجديد من الخطط التنموية دون صراع، من أجل بناء جيل أفضل.
family_sciences@