لعل الكثير منا اليوم مستاء مما يحدث من فساد إداري في الدولة، حيث الشهادات المزورة والرشاوى والاختلاسات وغيرها من ظواهر الفساد الناتجة عن فساد فكري اجتماعي بحت، حيث أصبح خطر على مستقبل أمة بأكملها وذلك يرجع لسببين:
الأول: فتك البناء النفسي والفكري والثقافي لأفراد المجتمع.
الثاني: ضعف ضوابط القانون في الدولة.
وعندما نتحدث عن البناء النفسي والفكري لأفراد المجتمع فإننا نواجه معضلة حقيقية أمام أهم أساس لبناء حضارة مجتمع راق، وهذا يرجع لضعف دور الأسرة اليوم في تغذية أفرادها بالقيم اللازمة للرقي، فهي نواة المجتمع فإن فسدت فسد المجتمع بأكمله، كما أن المؤسسات التعليمية تواجه فشلا في مخرجات التعليم، والقانون ضعيفا والكثير يستهان به، فأين المفر من الفساد الواقع على هذا المجتمع؟.
من أجل الإصلاح يجب تربية شعب بأكمله من جديد، وذلك بالضرب بيد من حديد لإصلاح أساس نفسي فكري قيمي لشعب بات بائسا غارقا في تناقضات فكرية عقائدية، وذلك عن طريق أمرين:
الأول: يجب على من يضع خططا مستقبلية توضع بفرض قوانين صارمة حازمة ناتجة عن دراسات على المجتمع الكويتي وليس دراسات طبقت على مجتمعات أخرى، كما يجب أن تكون لتلك القوانين هيبة لا تقبل الجدال ولا التغير ولا الإلغاء، كما قال الشاعر «لا، لا وجود بغير شرع يقتضيه الدين والعادات والآداب ـ لا، لا بقاء بغير قانون يفي بحقوق قوم هم لها أتراب ـ فهو الذي يحمي الشعوب من الصواعق حين يركم بالشرور سحاب ـ وهو المعمر للبلاد حقيقة لا أنه محق لها وخراب»، والقانون الصارم يجب أن يوضع بتعقل ومرونة، فالإتزان واليسر في معالجة الأمور أساس قيام أمة شعارها الأمانة، لطالما الفرد آمن من مستقبل يعد بالطموح.
الثاني: البدء في صناعة التعليم من جديد، فالتعليم ضعيف في رمته، والمعلمين والمعلمات نسبة كبيرة منهم لا يمتلكون المهارات ولا القيم ولا المفاهيم اللازمة لصناعة جيل راق مبدع، فالمفاهيم يجب أن تغرس ويروض عليها في البدء بمحور العملية التعليمية ألا وهو المعلم، حيث يجب أن يروض جميع المعلمين على السلوكيات والمبادئ والمفاهيم والمهارات الخاصة بالعملية التربوية واستبعاد القلة منهم من عليهم علامة استفهام من حيث مظهرهم وسلوكياتهم، ومن ثم العمل على تطوير النظام العام للتعليم وصياغة الأهداف الرئيسية الواضحة من عمليتي التعليم والتربية النفسية والفكرية والثقافية والاجتماعية للمتعلمين.
وفي الختام: من أجل النهوض بأمة عم فيها الفساد إلى الرقي والتقدم يجب التركيز على ثلاث:
٭ تأصيل العقيدة والعادات والتقاليد في نفوس الأفراد من خلال المدرسة والقانون.
٭ صرامة القانون واحترامه.
٭ إعادة بناء النظام التعليمي بما يتناسب مع ثقافة أفراد المجتمع ونمط العام في تنشئتهم.
إن ظواهر الفساد في المجتمع هي نتاج استهتار واستهانة الناس بالأمور البسيطة الصغيرة، منها العقائدية ومنها الفكرية ومنها التربوية، وكان الله في عون المسلمين.
@family_sciences