إن أعظم آية تربوية في القرآن الكريم نجدها في سورة طه آية 123 لقوله تعالى (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى)، والسؤال: لماذا هي تعد أعظم آية (تربوية) وهناك الكثير من الآيات التربوية في القرآن الكريم؟ والإجابة عن هذا السؤال تكمن في أمور عدة:
أولا: الصلاة عمود الدين، أي أنها تشمل جميع أركان الإسلام عند أدائها ومن المتعارف عليه أن أركان الإسلام الخمسة هي: (الشهادتين) فبالصلاة تنطق الشهادتين - (الصلاة) فهي صلاة وعبادة - (الزكاة) فبالصلاة يزكي المؤمن عن كل عضو من أعضاء جسمه من خلال الشد والإطالة في كل حركة من حركات الصلاة، وهو أمر إن تم بإخلاص شديد فإنه يقي المؤمن من شرور آلام العضلات والركب وغيرهما الكثير من الأمراض العصرية - (الحج) فبالصلاة جهاد من حيث التركيز والخشوع التام وإيقاف الرزق والعمل من أجل مالك العمل ألا وهو الله عز وجل - (الصوم) فبالصلاة لا طعام ولا شراب فلا يجوز خلال الصلاة أن يأكل المؤمن أو يشرب.
ثانيا: الصلاة دالة الإخلاص وهو أعلى مراتب القيم بمعنى إن أخلص المؤمن في صلاته بجهده وإيمانه لله عز وجل فإن ذلك يقود النفس لأعلى مراتب القيم وأرقى الأخلاقيات والسلوكيات الاجتماعية العامة منها:
- الإحسان وهو أعلى مراتب البر، حيث عندما سئل الرسول الله صلى الله عليه وسلم عما هو الإحسان قال: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (رواه البخاري ومسلم)، فإن حقق المؤمن الإخلاص في العبادة لله نال قيمة الإحسان في خلقة.
- بر الوالدين وصلة الأرحام، فالصلاة تحيي ضمير المؤمن وذلك ببره بوالديه وصلة رحمه إلى جانب العطف على الصغير وتوقير الكبير وحب ذوي القربى ومساعدتهم ومساعدة الفقراء والمحتاجين بحب وصدق وأمانة، ولا عجب من ذلك لأن قيمة الإحسان قد تغلغلت في نفسه ووجدانه.
- البعد والنهي عن كل ما يغضب الله عز وجل وذلك لقوله تعالى (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون» (سورة العنكبوت: آية 45)، فالخوف من غضب الرب يردع المؤمن من ارتكاب المعاصي وإن أخطأ فسرعان ما يرجع إلى الله بالتوبة والاستغفار، فلا عجب من خطأ بني آدم ولكن العجب في عدم تصحيح الخطأ فهو مجبول على الخطأ ولكنه مخير في إصلاحه كما قال صلى الله عليه وسلم «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ».
- الاحترام والنظام فهما من أبرز مظاهر الأخلاق والتنمية لأي أمة كانت، فالصلاة تروض صاحبها على احترام الرب والنفس والوقت، كما أنها تروضه على النظام والجدية والطهارة والنظافة.
وفي الختام: الصلاة عبادة وتربية وقيم وأدب ورقي وأخلاقيات يقترفها المؤمن من خلالها حال إخلاصه التام فيها، ولا عجب في ذلك فالله عز وجل قد تكفل بالرزق والخير الذي يعود على الفرد وراء الصبر وأمر أهله بالصلاة ومجاهدة النفس في الإخلاص بها قولا وفعلا وفكرا، كما أنها عادة تربوية تربي النفس لمزامنة التكرار لها والنظام الذي يكفل أرقى الشخصيات وأفضلها على الإطلاق.
family_sciences@