يضرب الله تبارك وتعالى المثل بقوله: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ـ إبراهيم: 24-27)، إن العلاقات الإنسانية بجميع أنواعها تعمر بالكلمة الطيبة التي لها الأثر الكبير على أمان الإنسان واستقراره النفسي أثر شعوره بالقبول والحب والاحترام والاهتمام من قبل من حوله من الأفراد، فسعادة الفرد تتوقف أولا على مدى سعادة أسرته، بمختلف أدواره الاجتماعية (أب ـ ابن ـ أخ ـ أخت ـ ابنة ـ أم)، حيث تنشئة الفرد على قيم منها (التعاون ـ الهدوء النفسي ـ التسامح ـ لغة الحوار ـ لغة الاعتذار ـ لغة المحبة ـ الصبر ـ التأني...) والكثير من تلك القيم التي تجعل من الفرد ذات احسان عالٍ واحساس راقٍ، وهذا ما ينعكس بدوره على جميع علاقاته الإنسانية منها الصداقة ـ الزواج ـ تنشئة الأبناء ـ صلة الرحم ـ تفاعله مع أفراد مجتمعه بشتى المجالات.
ولعل الفرد منا قد سمع في حياته كلمة طيبة ألقت به الأثر الكبير والخير الكثير، ولعل الفرد منا أيضا قد سمع كلمة خبيثة أثرت على نفسه بالغضب الشديد والخير المنيع والبغض العنيد، وهكذا قد ضرب الله عز وجل في محكم كتابه أثر الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة المثمرة طويلة الأمد تثمر الخير الكثير والمديد للفرد وعائلته وذريته ومجتمعه، وأثر الكلمة الخبيثة كشجرة خبيثة ليس لها ثمر وليس لها قرار ضعيفة البنيان.
فالكلمة الطيبة تبعث الراحة والطمأنينة في القلب، والإنسان عبارة عن كتلة مشاعر متقلبة تعمل على أثرها هرمونات بتفاعلات كيميائية داخل جسمه إما أن تقوي مناعته وتمده بالصحة النفسية والجسدية اثر استقراراها على معدل متزن، وإما أن تنعكس عليه بتدهور صحته النفسية والجسدية اثر الأحزان والهموم وكثرة التفكير وذلك يرجع لعدم استقرار افراز الهرمونات التي تلعب دورا في مشاعر الإنسان نتيجة عدم استقرارها على معدل متزن ثابت، أما ان يكون في نزول حاد أو على العكس في صعود حاد، ولا يقف عند حد نفسية الإنسان بل يمتد على علاقاته بمن حوله وسوء العشير وفقدان البركة في حياته في حال إن كان ظالما.
كما أن الإنسان المنفعل بكلمة طيبة يهدأ، وبكلمة خبيثة يثار ويتأثر ولربما يؤدي الأمر لعواقب لا تحمد عقباها، فلنحيا حياة طيبة بالكلمة الطيبة التي تعمر بها البيوت والعلاقات وتتوقف عليها سعادة الأسرة والمجتمع، وكفل تنشئة جيل خالٍ من العقد والاضطرابات والعنف والعدوان ـ راقٍ ي صحة نفسية جيدة تنعكس بالخير الكثير على من حوله وعلى تطور وتنمية مجتمعه، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
family_sciences@