العبادة ليست فقط فروضا يقوم بها المسلم لإتمام الواجب أداؤه أمام ربه ويتباهى بنفسه أمام الخلق أنه من العابدين، وإنما العبادة معناها كامل شامل يقتضي على المسلم احياء الضمير والإخلاص الكامل لوجه الله تعالى، وحتى يتكامل الإنسان في عبادته يجب أن يغطي جوانب العبادة الحقة بالعطاء السخي وهي كالتالي:
- الإخلاص بالعمل: كل بني آدم يعمل في هذه الحياة، وخير العاملين المخلصون في عملهم المتقنون في أدائهم، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» (رواه الطبراني)، فالواجبات الدينية من صيام وصلاة وزكاة وغيرها يجب أن يعتليها الإخلاص لله تعالى، كذلك الواجبات الحياتية للفرد من عمل وكسب الرزق والمعاملات الاجتماعية وواجباتنا تجاه الأسرة والمجتمع وغيرها من الأمور يجب أن يكون الإخلاص وإحياء الضمير في مقدمة العمل حتى تكون عبادة المسلم تليق بخالق الكون.
- العلم: لا تتوقف عملية التعليم للمسلم عند سن معينة ولغرض معين، بل الواجب على المسلم أن يتعلم ويقرأ ويرتقي في فكره ووجدانه، ومن دون القراءة لن يرتقي المسلم في عبادته لله عز وجل، فالله يحب العابد المتعلم وهو أفضل عنده من العابد الجاهل الذي يجهل الكثير من أمور الحياة والدين.
- التوبة: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» (رواه الترمذي)، فالمسلم مجبول على الخطأ ولكن خيار المسلمين هم من يصلحون الخطأ ويتوبون للخالق، بلا مكابرة وبلا عزة بالإثم، فالله عز وجل ينظر للقلوب وما تحويه، وبذلك يؤجر العبد أو يؤثم.
- الإحسان: فهي قيمة تتفاوت عند البشر بدرجاتها، وهي قيمة اما أن ترفع صاحبها قدرا عند الله والناس، وإما أن تحبط أعماله بسبب قساوته وجفائه وقلة رحمته، فالله تعالى يحب المحسنين، والمحسن هو الشخص المعطاء في كل شيء، على سبيل المثال: معطاء في مشاعره الحسنة وكلماته الطيبة وأخلاقه وعمله ومعروفه وتسامحه ولغة اعتذاره في حال الخطأ... وجميع الجوانب والسبل التي تسعد الآخرين وترفع العمل وترتقي بالأسر والمجتمعات.
وهكذا عزيزي القارئ لعلنا نجد من يحافظ على عبادته ولكن لسانه سليط جارح، ولعلنا نجد من المسلمين المحسن في طباعه وخلقه ولكنه لا يصلي ولا يصوم، ولعلنا أيضا نجد هناك من هو طيب محسن خلوق عابد ولكن تأخذه العزة بالإثم ويكابر في حال خطئه ولا يعتذر ويتوب، وهناك من لا يكترث للعلم والبحث ويظل غارقا بالجهل رغم أخلاقياته وعبادته لله ويصر على جهله، وأبواب العلم مفتوحة في زماننا على مصراعيها لتصحيح الخطأ وتعلم الجديد بدلا من الجلوس على منصة الجهل.
فيجب أن يتكامل المسلم في عبادته من خلال العمل بالجوانب الأساسية الأربعة السالفة الذكر حتى تكتمل الأجور بإذن الله وتكتمل العبادة التي تليق بالخالق عز وجل، فلنعش بسلامة القلب والفكر بالعبادة الحقة حتى تضمن لنا ولأبنائنا وأزواجنا السعادة بالدنيا والآخرة، وأخيرا هذا المقال ليس فقط دينيا بقدر ما هو أسلوب حياة بحت، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
family_sciences@