عندما يتأمل الإنسان الكون ونظام خلقه يجد به من الذهول والإعجاز والغرائب التي تجعله يسجد للخالق خشية ومهابة وتضرعا، فلا عجب من ذلك والكون له رب قدوس المكتمل سبحانه الخالي من العيوب والنواقص، فكثيرا ما يسأل ابن آدم تساؤلات حول ما يدور في هذا الكون من غموض محاولا اكتشافه، فالله عز وجل خلق هذا الكون على 3 مبادئ أساسية وهي:
أولا: التنوع: فالكون قائم على التنوع في كل شيء، فالله خلق الناس أجناسا ومختلفين في الطباع والأذواق والاتجاهات ـ وخلق الشجر والجبال والصحاري والسهول والوديان، وخلق الأرض بمناخات مختلفة، وخلق الجن من النار، والملائكة من نور، والبشر من طين، وعدد في أنواع الحيوانات والحشرات والطيور، كما جعلها مختلفة في أنظمة حياتها وسلوكياتها، وجعل فيها عبرا ومنافع للبشر من جميع النواحي الحياتية، وخلق المجرات والكواكب والسحب.. إلخ، فحكمة الله عز وجل في التنوع من أجل التكامل في الكون وذلك لتحقيق الهدف المنشود من إعمار الإنسان للأرض في مقابل تسخيرها لخدمته.
ثانيا: المتشابهات: الكون آلة تدور حول التشابه بالعمل والحالة، هدفه ينصب من أجل العبادة المتنوعة، والحكمة من المتشابهات هو التسليم والانقياد لله عز وجل وإبعاد الشك في الكثير من العلوم العقائدية والعلمية، وذلك ما يتميز به الدين الإسلامي أنه دين قائم على العلم بالمعرفة واثبات الحجة بالحقائق، وفي الوقت نفسه حكمة الله تتجلى من أجل أن تكون تلك المتشابهات كمصادر يرجع لها الإنسان عند تفكيره في الإبداع والتطور في الصناعات التي تخدم البشرية، فعلى سبيل المثال الصناعات التكنولوجية تنبثق أفكارها من المتشابهات الطبيعية التي هي من صنع الله عز وجل لخدمة البشر في تسهيل أمور حياتهم وإنجازها بسرعة ويسر، إذن المتشابهات في الكون هي لخدمة العلم والعلماء من خلال التأمل والفحص والاستدلال وإمعان النظر والتركيز في البحث والوصول للإعجاز العلمي الذي يثبت للبشر كافة أن للكون إلها خالقا قهارا فوق عباده، كذلك ومن جانب آخر نلاحظ أن المتشابهات مبنية على التكرار، وذلك من أجل تعزيز الفطرة السليمة من جهه واستمرارية الحياة على وجه الأرض من جهه أخرى.
ثالثا: النسبة والتناسب: ويقصد بالنسبة والتناسب أن لكل شيء خلقة الله عز وجل في الكون سواء من أعظم خلقه إلى أصغر خلقه والذي لا يمكن رؤيته بالعين المجردة له نسبة تتناسب معه من حيث الحجم والشكل والحالة، ويدخل مبدأ النسبة والتناسب في كل شيء خلقه الله سواء كان شيئا ملموسا أو غير ملموس، حتى محاسبة الله للخلائق تبنى على أساس النسبة والتناسب في الأعمال والأقوال والنوايا، أي على حسب الحالة ونسبة الجهد المبذول فيه يتم استحقاق الأجر والنجاة من النار، كما قدر الأحجام والأشكال والحالات بنسب تتناسب مع حالة أي مادة كانت على مستوى الكون كله، وتتجلى حكمة الله عز وجل في النسبة والتناسب لقوله: (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا) (النساء: 49)، فالله عادل في خلقة، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الكريم.
family_sciences@