إذا أردت أن تهدم أمة فابدأ بهدم أفكارها، وهذا ما يصنعه الإعلام، فالبناء النفسي والاجتماعي الراقي للأمة يتوقف على قدر تنمية الفرد من الناحية التعليمية والثقافية والأخلاقية، فإن تراجعت تلك التنمية اندثر المجتمع وأصبح في فوضى أخلاقية وعقائدية خارجة عن السيطرة.
إن الإعلام له دور كبير وقوي وفعال في التأثير على أفراد المجتمع وتوجيههم إما نحو الإيجاب أو السلب، خاصة في عصرنا هذا، ومع الانفتاح الكبير الذي حققته التكنولوجيا، أصبح الإعلام يشغل حياتنا بشكل كبير ويؤثر فيها، وما يحدث اليوم على الساحة الإعلامية شيء مخزٍ وتجاري وهابط مع احترامي للقنوات، فالمسلسلات الهابطة والبرامج التافهة التي يرفع أبطالها راية الباطل على الحق والفوضى والتفاهة التي تشغل المشاهد باللغو والثرثرة لا تجدي إلا الإثم وضياع الأجر.
فالغالبية الكبرى من مشاهدي تلك البرامج هم من صغار هذه الأمة، التي من الواجب الإعلامي الوطني الاهتمام بفكر هذه الفئة من المجتمع وعدم زعزعة عقيدتها، فأين البرامج الدينية التي تدعو للتفكر والتأمل في خلق الله عز وجل، وأين البرامج النقاشية التي تناقش أهم القضايا والظواهر الاجتماعية اليوم من حيث آثارها على المجتمع وأضرارها وكيفية تفاديها، مثل المادية ـ العنف ـ العدوان ـ مشكلة الفراغ ـ مشاهير السوشيال ميديا ـ الفوضى الفكرية ـ اللغو والثرثرة الهابطة ـ مشاكل مدرسية ـ مشاكل أسرية..إلخ ؟ فتلك البرامج لعلها متواجدة على مستوى الإعلام العربي، ولكنها قليلة وتبث في أوقات تفتقر للمشاهدة مقارنة بالإعلام الفاسد.
كما أن للتكرار الأثر الكبير في تعزيز القيم وإصلاح أسقام المجتمع وغرس الثقافة الراقية، فلو تحقق الإعلام العربي وخاصة الخليجي من الإكثار من تلك البرامج التنموية للفكر والثقافة لتمكنت المجتمعات من حل مشاكلها النفسية والاجتماعية والثقافية بنسبة تتجاوز 55%، فتلك النسبة ألا يستحق العمل المثمر من أجلها وإسهاب الأموال من أجل الرقي لا من أجل التراجع والجهل؟
المجتمع بحاجة لبرامج تزيد من وعيه وفكره للإيجاب لا للسلب، بحاجة لمسلسلات هادفة تصقل القيمة لا أن تزعزعها، بحاجة لبرامج يعتليها التكرار في اكتساب اللغة السليمة لأفراد المجتمع، والكثير من البرامج التي تعمل على تصحيح الأفكار ونشر الثقافة الراقية وغرس القيمة الأخلاقية وتثبيت مبادئ العقيدة الإسلامية، كما بحاجة لبرامج تحفز الشباب وتوجه طاقاتهم للأفضل وتعزز هواياتهم وتصقل مواهبهم.
@family_sciences