العلم لا يتوقف عند سن معينة، فالإنسان خلق متزامنا مع العلم، وقد فرضه الله عز وجل عليه من أجل أن يزيد فهمه للدين والحياة، وأن يدرك قيمة عبادته للخالق ومدى مصداقية عطائه بإخلاص من أجل حاضره ومستقبله وما بعد مماته.
إن ثقافة العلم لشيء كبير يجب غرسه والحث عليه، فالمجتمع كلما زاد علمه زاد رقيه في المعاملات والإصلاح والتنمية البشرية، ومما لا شك فيه أننا نعيش في زمن التعالم لا العلم الذي يعنى بالبحث والتأمل والقراءة، فالتعالم اليوم مشكلة عند بعض البشر الذين يتناقلون المعلومات تبعا لما يسمعونه ويقرؤونه في وسائل التواصل الاجتماعي، فلعل ذلك التعالم يزيد الوعي في بعض الأمور ولكنه يزيد من الجدل الجاهل في أمور أخرى، وذلك بسبب وصول المعلومة بسهولة دون التعب فيها وعدم التفكر والتأمل بمعطياتها.
إن هجر القراءة إنذار خطير بتفشي الجهل والفساد، فعلى الفرد الاستمرارية في العلم لآخر يوم في عمره، فالمجتمعات الصالحة هي من تبني قيمها على التعليم المستمر، والمجتمع المسلم هو أحق بالصلاح فهو أصل العلم والمعرفة وذلك لنعمة الله عليه بالقرآن ذلك الكتاب الذي احتوى على العلوم بشتى أنواعها والمعرفة التي تمكننا من الارتقاء من خلالها بقيمنا وأخلاقياتنا للأفضل.
فمن وصايا لقمان الحكيم لابنه: «يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله سبحانه يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء»، إن من واجب الأسرة توجيه أبنائها نحو التعلم بشتى وسائله حتى لا تتيح الفرصة للفراغ الحياتي الذي يفتك بفكرهم وثقافتهم، ويقول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام «باب من العلم يتعلمه الرجل خير له من الدنيا وما فيها»، ففي العلم الخير الكثير، يقول معاذ بن جبل في التعليم والتعلم تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه من لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة وهو الأنيس في الوحدة والصاحب في الخلوة والدليل على الدين والمصبر على السراء والضراء والوزير عند الإخلاء والقريب عند الغرباء ومنار سبيل الجنة يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة سادة هداة يقتدى بهم أدلة في الخير تقتص آثارهم وترمق أفعالهم وترغب الملائكة في خلتهم وأجنحتها تمسحهم وكل رطب ويابس لهم يستغفر حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه والسماء ونجومها...، فالعلم به الخير الكثير والعطاء لصاحبه مستمر لا ينقطع.
@family_sciences