إن الفرد ينشأ ويتعلم ضمن مراحل عمرية من خلال مؤسسات تربوية تعمل على توجيهه وصقل مفاهيمه وأهدافه كما أنها تبلور شخصه نفسيا واجتماعيا إما للسلب أو للإيجاب.
إن أول المؤسسات التربوية هي الأسرة، فهي تلعب دورا في تنشئته التنشئة السليمة في غرس القيم والسلوكيات والمفاهيم الحياتية التي يؤولها بعد ذلك على أرض الواقع الاجتماعي، فإن الخمس السنوات الأولى من حياة الفرد هي الأهم في تاريخ نشأته، وذلك يرجع إلى تأسيس أولى القواعد الأساسية في الصناعة النفسية والتي يبني عليها بعد ذلك المفاهيم الحياتية المقبلة من حياته.
وثاني مؤسسة تربوية هي المدرسة فإن النظام المدرسي والمعلم يلعبان دورا في تهذيب السلوك على الانضباط واحترام الوقت والمواعيد، كما أنها تغرس القيم التربوية لإعلاء الأخلاقيات في المعاملات الاجتماعية، ويتم من خلالها تعلم الكثير من القيم والقدوة الحسنة التي تؤهله في التفاعل الاجتماعي الجيد في محيطه وتوجيه الأهداف وصقل الهوايات واستخراج المواهب.
وثالث مؤسسة والأقوى في المرحلة الحيوية والنشاط (المراهقة) في اكتساب المفاهيم والنصح من الأقران الذين يشغلون دورا فائق الأهمية للفرد في هذه المرحلة، وهنا تبدأ مرحله اختيار الصحبة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».
ورابع مؤسسة تربوية هي مرحلة الجامعة فإن البيئة الأكاديمية تصقل مفاهيم من شأنها أن يرتقي الفرد، شرط أن تكون معتدلة في توجهاتها ومنظورها العلمي، فإن المجتمع الأكاديمي له بصماته الواضحة على شخصية الفرد، كما أن المجتمع الوظيفي أيضا يلعب دورا كمؤسسة في بلورة الفرد وتوجيهه للتيار الذي يزامنه لمدة ما يقارب ربع قرن.
وخامس مؤسسة تربوية هي القوانين المحلية لضبط أفراد المجتمع، إن للقوانين دورا في توجيه الأفراد التوجيه الصحيح القويم في المحافظة على الملكية العامة والانضباط في عدم مخالفة القوانين وعدم المساس بالمال العام، كما أنه يتدخل في توجيه السلوكيات العامة لأفراد المجتمع للأفضل خوفا من العقوبات أو طمعا في المكافآت، كما أنها تصقل حب الوطن في السلوكيات في الأفعال والأقوال للأفراد.
وآخرها ولعلها تأتي من بين المراتب السابقة للمؤسسات السالفة ألا وهي التربية الذاتية، وهذا يتوقف على ذات الفرد وطمعه في التعلم المستمر ومواكبة الجديد، والثبات على الدين وتطوير مفاهيمه وقيمة وأخلاقياته، كما أن الفرد ليربي ذاته عن طريق الدورات التعليمية والبحث والاطلاع وتطوير الذات بشتى الوسائل والذي يمكنه من الارتقاء وإيضاح الصور الحياتية أكثر حتى يصل للنضج الكامل من بعد مسيرة من الأخطاء مقابل التعلم وتكملة الحياة بأجمل صورها.
family_sciences@