مما لا شك فيه أن للصبر الأثر الإيجابي على صاحبه، فالصبر اسم من أسماء الله الحسنى، وهي صفة يحب الله أن يتخلق عبده بها، وذكر الصبر ومشتقاته في القرآن الكريم 103 مرات، فللصبر فوائد عجيبة يكون بها الإعجاز في معالجة أصعب الأمور والبلاءات على العبد منها كثرة الأمراض وانتشار الوباء والكثير من المشاكل التي يتعرض لها الإنسان في حياته، وليس هذا فحسب - فمن تربية الله لعبده أن يجعله يبتلى ويصبر حتى تتم مكافأته بالفرج وهكذا يكون الأمر في إعادة تدوير للأخلاق، فالخلق السيئ تتم معالجته وتهذيبه واستبداله بالأفضل، والخلق الحسن يسمو أكثر في نفسية العبد الصالح.
وللصبر والتوكل على الله علاج للكثير من الأمراض النفسية، ونفاد الصبر والتطير والهلع ينعكس على صحة الفرد نفسيا ومن ثم جسديا ومن أهمها ضعف المناعة الجسدية.
كما أن القرآن أعطانا وصفات علاجية تعيننا على مصائب الدنيا ملازمة للصبر وتعين عليه منها الشكر فيقول عز وجل في كتابه الكريم (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) (إبراهيم: 5)، كما وعد الله عز وجل من صبر الخير الكثير لقوله (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) (الزمر: 10)، ومن الوصفات السحرية المعينة للصبر - عجيبة الأثر - ألا وهي الباقيات الصالحات (سبحان الله - الحمد لله - لا إله إلا الله - الله أكبر - لا حول ولا قوة إلا بالله) فهي المعينة وهي بمنزلة اليد اليمنى للإنسان، إلى جانب الاستغفار والصوم والصلاة.
ولعل هناك بعض البشر من يجزع ويتطير على الله عند البلاء مما ينعكس عليه بالسخط والعقاب، فيذكر الله عز وجل عبده محمد (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم) (سورة القلم: 48) فيذكر الله عز وجل سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن لا يفعل ما فعله صاحب الحوت يونس عليه السلام عندما فر هاربا من مواجهة قومه بعدما يئس من إيمانهم بالله واستنفد صبره، ولم يخرج من بطن الحوت حتى أدرك بظلمه لنفسه لقوله (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) (الصافات:143-144).
أخيرا وليس آخرا، قال تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) (البقرة: 155-157) فالصبر مفتاح الفرج، والتوكل واحتساب الأجر من مقومات الهدوء النفسي والصحة النفسية للإنسان والتي تكن وراء قوة المناعة الجسدية التي تأمنه من أمراض العصر، لقوله تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا).
family_sciences@