في ظل الظروف الراهنة، فرب ضارة نافعة، وبعيدا عن التكليف والتشدق والانحراف الديني الذي يعتلي شهر الصيام كل سنة من فوضى سلوكية وعادات وضعية مكتسبة والانشغال الخاطئ بالملذات والشهوات، فرمضان 2020 مختلف تماما، ففيه السكون والهدوء الذي يكفل للفرد لمام شتات دينه الذي اضاعه في توافه الأمور، فاليوم يكفل لنا العبادة بهدوء نفسي بعيدا عن ضوضاء الحياة الاجتماعية، يقول الله عز وجل في محكم كتابه (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون - البقرة: 184)، وإن كان الصيام بالامتناع عن الطعام والشراب لفترة زمنية محددة من اليوم الواحد، فالصوم عبارة عن تحسين نظام حياتي متكامل للفرد، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «الصوم جُنّة» (رواه مسلم)، والجنة هي الشيء الذي يحتمي الإنسان به من خطر ما أو من عدو ما، وأكبر عدو للإنسان هي نفسه، فيجب على الفرد المسلم التأمل قليلا لنظام حياته والتفكر فيها من النواحي كافة مستغلا في ذلك شهر رمضان في تحسينها وذلك كالتالي:
1- علاقته بربه: إن الاكثار من الذكر وقراءة القرآن وقيام الليل بالصلاة والدعاء، كفيل بتقوية علاقة العبد بربه، وتقويم تلك العلاقة تظهر من خلال الحرص على العــبادة، البعد عن الغيبة والنميمة، البعد عن اللغو الدنيوي والبعد عن الإسراف في الطعام، والانشغال بشاشة التلفاز.
2- صحة أفضل: لا شك أن الصيام خير، فبالصيام يجدد الفرد طاقته وصحته حيث الفائدة تكون من خلال تنشيط خلايا الدماغ، تقوية جهاز المناعة، التخلص من الفيروسات والبكتيريا في الجسم، اراحة الجهاز الهضمي وشفاء أمراضه... إلخ من الأمور الصحية التي تعود على الإنسان بالنفع.
3- اتزان انفعالي وعاطفي: الكثير يعاني من اضطرابات نفسية لا شك خاصة في الظروف الحالية من قلق واكتئاب، هذه الاضطرابات تعمل على تدمير البنية النفسية للفرد، فقد أثبتت الدراسات أن الصيام الذي يكون تجرد النفس من الترف والغلو والتكليف، يعمل على تخفيف هذه الاضطرابات ويعمل كذلك على تهدئة المراكز ذات النشاط الزائد في الدماغ.
4- استزادة في العلم: شهر رمضان لا يقتصر على العبادة المفروضة من صلاة وصيام وقيام... إلخ، وإنما تدارس القرآن والانشغال بالعلم الحديث المرتبط بالقرآن الكريم، وما يدعم ذلك من تسجيلات للعلماء والمفكرين والبرامج النافعة، واعلم عزيزي القارئ أن الدين والعلم وجهان لعملة واحدة، وهذا يفرض عليك مهمة التعلم والقراءة النافعة ما دمت حيا.
5- تحسين نمط الحياة: أهم ما نتمتع به اليوم الوقت والصحة، فالوقت لدينا طويل دون التزامات، والصحة في التوقف عن المطاعم وأكل طبخ البيت نعمة عظيمة افتقدناها منذ زمن إلى جانب تقوية الروابط الأسرية من خلال اجتماع افراد الأسرة اليوم في مكان واحد، فقد كادت تكون جامدة ومصطنعة.
family_sciences@