يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ـ الأنعام: 38)، سبحان الخالق المبدع الذي جعل من المتشابهات في الحالة والسلوك عبرة وحكمة، فالأمثلة كثيرة في العجائب السلوكية للدواب، وأضرب مثلا عليها النمل الأبيض حيث يعيش في مستعمرات وله احصائيات سكانية، فحين يزداد عدد أفراد المستعمرة بمعدل يفوق التموين الغذائي لها سرعان ما تذهب نحو التهام عدد كبير من البيض الذي وضعته فهو تغذية بالنسبة لها من ناحية وحل لمشكلة تزايد أعداد الذرية من ناحية أخرى، وهذا السلوك يؤمن لها عدم التعرض لخطر الانقراض، كذلك الدب إذا مرض فإنه يعمد لأحد النباتات ليأكل منها حتى يتعافى، وأنثى الحوت إذا أتاها المخاض فإنها تصدر أصواتا خاصة تسمعها أقرب أنثى لها حتى تهرع لمساعدتها، وعندما تصل لها تقوم أولا بالحوم حولها لتحميها من خطر اسماك القرش حتى لا تهجم عليها وهي في حالة ضعف، ومن ثم تفتح فمها لتجر الوليد برفق لتخرجه من رحم أمه والذي يبلغ طوله في الحوت الأزرق ثمانية أمتار ووزنه ثلاثة اطنان، ومن ثم تقوم بضرب الوليد ضربة رفيقة حتى يعلو لسطح الأرض ليأخذ أول نسمة اوكسجين فتنفتح رئتاه (سبحان الخالق)، كذلك من العجائب السلوكية في الحيوانات أن الفهد إذا سمن وزاد وزنه وأثر ذلك على حركته فإنه يخفف من وجباته فيقوم بعمل حمية معينة لتعود رشاقته ويعود للحركة بخفة من جديد، وكذلك الذئب إذا جاءه النعاس فإنه ينام بعين واحدة ويجعل العين الأخرى حارسة أي مفتوحة، وهكذا يجعل المناوبة بين العينين طوال الليل حتى يؤمن نفسه من الأعداء.
أما بالنسبة للنبات كذلك له فسلوكيات مذهلة، فحين تهجم حشرات على شجرة ما فإنها سرعان ما تخرج رائحة ذكية تنقلها نسمات الهواء إلى الأشجار التي حولها فهي رسالة بأن هناك خطرا ستواجهه، فتقوم الأشجار المتلقية بعمل مادة سمية لمكافحة خطر العدو عندما يهاجمها، والكثير الكثير من الأمثلة التي لا تعد ولا تحصى والتي بها التأمل في عظمة الخالق وأخذ العبرة والمصنعية «التكنولوجيا»، حيث قام العلماء بأخذ تلك التقنيات الربانية في خلق الدواب من باب مبدأ المتشابهات ففي مقالات سابقة ذكرت أن تقنية الطيران أخذت من جناح اليعسوب، وشفرات الكمبيوتر من الخلية.. والكثير الذي لا يسعه مقالة، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
[email protected]
