دار نقاش بيني وبين أترابي حول موضوع أهمية الصلاة وظاهرة ترك الصلاة لدى بعض الناس اليوم بمختلف الأعمار، وقلت ان الصلاة تنم عن قلة وعي وثقافة، فسألوني كيف؟ فقلت فلنرجع لأصل الدين وهدفه، فهو عبارة عن «قيم وأخلاق»، ولا يجدر لمجتمع أينما كان على سطح الأرض أن يعيش دون ضوابط أخلاقية لتنظيم شؤون الأفراد بما يكفل له العدالة والتكافل الاجتماعي بين أفراده، وحتى يتم ذلك فقد رعى الإسلام في تنمية ذات الفرد سلوكيا أولا وقبل كل شيء حتى ينعكس خيره على من حوله، فمهما اجتهد البشر في وضع ضوابط وقوانين تنظم العملية الإنسانية فلن يصلوا لكمال العدالة التي هي أساس الأمن والاستقرار المجتمعي، فلا بد من نظم سماوية ليست من صنع البشر وإنما من بديع صنع الخالق، فكانت تلك مقدمة لإيصال فكرة أن الصلاة أول دلالة على الخلق الكريم وأمن المجتمعات واستقرارها.
وأحب أن أوصل معلومة للقارئ بأن هناك فرقا بين الأخلاق والقيم، فالإنسان يولد بفطرة أخلاقية سليمة، والخلق يعني القدرة على المبادرة والعطاء، أما القيم فهي مفهوم وأبعاد وتعلم مهارات، والعلاقة بين الخلق والقيم علاقة طردية، فكلما زادت المفاهيم القيمية لدى الفرد زانت أخلاقه، ومن هذا المنطلق نفهم معنى قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
فالأخلاق موجودة وإنما مكارمها تكون بتعلم القيم المنزلة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الوحي، وأولى تلك المكارم الحرص على الصلاة فهي أولى علامات تربية الفرد الصالحة، وهي أول قيمة يتعلمها الطفل من قبل والديه بالملاحظة أولا والتلقين ثانيا، فقيمة الصلاة ترجع بأبعادها إلى التواصل الروحي بين الأصل والفرع أي بين الخالق وعبده المكلف بحمل الأمانة التي أبت السماوات والأرض حملها، فإن أخلف بها فقد افتقد قيمة وانتقص من اخلاقياته، ومهما بادر بالسلوكيات الإيجابية فإنه ناقص لا محالة، وإن كان يصلي وفي الجانب الآخر يبادر بسلوكيات سلبية وبجهالة عند البعض من الناس فحينها تبقى النفس اللوامة تؤنبه إلى ان ينتهي من ذلك السلوك المشين، وذلك يرجع لقوله تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ـ العنكبوت: 45).
وسبق أن كتبت مقالات عن الصلاة وكيف أن لها أبعادا روحية ونفسية وبدنية تتمثل بالصحة الجسمية والنفسية للفرد، راجع أخي القارئ / أختي القارئة، مقالاتي السابقة عن الصلاة وأهميتها لنا كمسلمين، وأختم مقالي بقوله تعالى (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين ـ التوبة: 109).
family_science@