يشغلنا وباء «كورونا» بشكل مقلق ومخيف، وهو أمر مؤقت بإذن الله وأجر للصابرين، ولكن ما يجب أن نقلق ونخاف منه هو ذلك المجتمع الذي يعاني أفراده من انحدار أخلاقي وقيمي متفاوت في درجاته إلا من رحم ربي ولا أحد معصوم من الخطأ، وإنما هناك من يسرع لإصلاح الخطأ ويسعى لتنمية نفسه ومحيطه، أما المعضلة الحقيقية فيمن يصر على الخطأ ويمشي أعمى القلب والبصيرة حتى يدخل في متاهات هو في غنى عنها قد أضرت بنفسه وأسرته ومجتمعه، ولكن السؤال الذي يبقى مطمع الجميع: كيف يتم إصلاح فساد قائم نتيجة تخبطات تبدأ من إدارة أسرة إلى مؤسسات دولة منذ سنوات طويلة؟
إننا نواجه معاضل كبيرة في انعكاساتها السلبية الخارجة على مبادئ وأخلاقيات المجتمع الإسلامي، ففي الوقت الحالي الإصلاح يقوم على أساس مخرجين: سطحي وجذري، وأقصد بالسطحي هو مكافحة ما هو ظاهر من الفساد لأفراد المجتمع والاستمرارية عليه بقوانين صارمة وحازمة لا للوساطة ولا للتخاذل، أما بالنسبة للجذري فهو يسير على مبدأ «زرعوا فأكلنا ونزرع ليأكلوا» وبداية إصلاح أي مجتمع كان، تكمن في أهم محك ألا وهو «التربية والتعليم»، فإذا أردت أن تهدم أمة فابدأ بالتعليم، إن التعليم أمر مهم، وأولى خطوات التنمية الحضارية والبشرية على الإطلاق، وهو أول مبادئ ديننا الحنيف، والمدرسة مكان مقدس، فلا مكان للمعلم الضعيف والفاسد والمستهزئ، ولابد أن تكون هناك عين ساهرة على تلك القضية المقدسة ولا تهاون فيها، إن ما يعتلي المجتمع اليوم من قضايا غسيل أموال وتجار إقامات ومخدرات واختلاسات والإطاحة بالمبادئ من أجل النزوات والأهواء وانحدار أخلاقي دون خجل ولا حياء.. من أين أتى هذا كله؟ إنه من التعليم السيئ عبر أجيال أضر بثلاثة: الأم والتعليم والقدوة الحسنة.
يجب على وزارة التربية والتعليم الإسراع في إنجازاتها التنموية لأن منها يخرج للمجتمع الصالح والطالح، أتخيل وزارة التربية والتعليم مثال البيت المليء بالأتربة يجب نفضها بقوة حتى تزهو ألوانه وتظهر معالمه الجميلة من جديد، فخطوات التنمية تبدأ بانتقاء وزير تربية وتعليم تربوي قبل أن يكون حاصلا على درجة دكتوراه فقط، ولابد من استشاريين من خيرة نساء الكويت وذلك من وجهة نظري حتى تتكامل العملية التربوية من أب صانع للقرار وأم حاضنة تتمتع برؤية تربوية، ومن ثم انتقاء مدرسين أفاضل تم اختبارهم تربويا وتعليميا، فقد كتبت كثيرا عن المهارات الواجب توافرها بالمعلم التربوي الناجح ولباسه ومظهره أمام الطلبة لكونه قدوة حسنة.. كما التركيز على دراسة وحفظ القرآن الكريم، فإن أسلوب التدريس لمادة القرآن ضعيف جدا ومهمل للأسف، فتعليم القرآن بصورة جادة بكل ما أتى به من أخلاقيات وعبر ونظم وإعجاز قرآني وعلمي ينعكس على صقل شخصية حكيمة ومتزنة بليغة في لغتها وقوية في مبادئها وثقافتها، رسالتي الأخيرة، فليتنفس تعليمنا القرآن الكريم.
family_sciences@