لا شك أن لكل سلوك متكرر انعكاسا نفسيا على الفرد إما بالسلب أو الإيجاب، ومن السلوكيات التي فرضتها علينا التكنولوجيا التفاعل الاصطناعي، وهذا بدوره قد أثر بانعكاسات سلبية منها هوس توثيق الأحداث، مما أدى لموت الإحساس لدى الأفراد شيئا فشيئا وبدرجات متفاوتة.
والتفاعل الاصطناعي عكس التفاعل الطبيعي الذي يكون بفهم المشاعر من خلال لغة الجسد والإيماءات وتعابير الوجه بأشكالها الطبيعية والمباشرة التي تجعل من المشاعر حية تسلك مسارها الطبيعي في التعبير عن المواقف الحياتية المختلفة، ويقف التفاعل الطبيعي وراء دعم الصحة النفسية للفرد، أما التفاعل الاصطناعي فهو مشكلة العصر النفسية، والتي ستتدرج في صناعة أجيال من أشر الناس اثر تزايد الاضطرابات النفسية وعليها أما بموت أو ضعف الأحاسيس والمشاعر الإنسانية لديهم.
فالتكنولوجيا سلاح ذو حدين: إيجابي وسلبي، فلما يقل الوازع الديني وتنعدم القيم الأسرية ويضعف دور الوالدين في الحوار المباشر مع أبنائهم، كما ينعدم دور الإعلام والمدرسة في نشر الوعي والإرشاد التكنولوجي في الاستخدام والاستهلاك، حينها تظهر الانعكاسات السلبية للتكنولوجية على الحياه البشرية، أما في حال عكس ما سبق فسنجني ثمارا تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
إن التكرار عملية جليلة من شأنها الصناعة الحياتية، وفي الصناعة البشرية تكن في غرس القيم والأخلاقيات الحميدة والسلوكيات الراقية في عملية التربية والتعليم لدى البشر، فعندما تكون التكنولوجيا مصدر تفاعلنا الاجتماعي والنفسي كبشر وتخترق عالمنا بأوسع أبوابه دون وعي مستمر بالعواقب فماذا ننتظر من انعكاسات تفتك بالفرد والأسرة والمجتمع؟
نلاحظ في الآونة الأخير الكثير من البشر من يوثق الحوادث المرورية دون وعي حسي للموقف، ومنهم من يوثق لحظة دخول ابنه لغرفة العمليات ومنهم من يوثق لحظة دفن والده ومنهم من يوثق يوميات والدته المصابة بالزهايمر تحت مسمى بر الوالدين ومنهم الكثير من يوثق أحداثا لا يمكن تقبلها لدى الفرد الواعي حسيا وتفاعليا مع بيئته، والذي لا يفكر لحظتها إلا بسلامة الأفراد أولا من حوله ولا شيء أهم من ذلك، فالهوس في التوثيق والتفاعل الاصطناعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة تسمى إسرافا، وذلك أن كل سلوك يضر بالنفس البشرية إضرارا نفسيا واجتماعيا يطلق عليه في القرآن الكريم إسراف ويعد من المحرمات، وذلك يرجع للضرر النفسي العائد على الشخص الناقل للحدث والذي وقع عليه الضرر من فضائح وكشف لستار حياته أمام الملأ، فالإسراف في الشيء يولد ظاهرة والظاهرة تلعب دورا في اندثار هوية المجتمع وهي أخطر جريمة ترتكب بحقه.
أسأل الله العفو والعافية لأفراد أمتنا أجمع.
family_science@