ما أجمل الإحساس بالسعادة والسرور والأمان والحرية.. لذلك تأبى الفطرة السوية للنفس البشرية إلا أن تفرح وتنطلق في فضاء الإنسانية الرحيب الذي يسع كل الأجناس والأديان والطوائف والملل والثقافات المتنوعة لشعوب الأرض، حيث تنصهر جميعا في بوتقة التسامح والتعايش رافضة عبث العابثين من ذوي النعرات الخبيثة التي تريد أن تقطف زهور الأخوة من بستان الإنسانية، هذه النفوس الدنيئة لا تعرف إلا ما هو قبيح، لذلك سعى الإنسان منذ فجر التاريخ إلى الاحتفال بأعياد تمثل له قيمة عظيمة في حياته، فتنوعت بين الأعياد الدينية والاحتفالات الاجتماعية، منها ما هو عالمي ومنها ما هو إقليمي أو وطني، بالإضافة إلى اليوم العالمي الذي تخصصه المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة بتسليط الضوء على قضية ما أو طائفة ما أو شيء يهدف إلى التفاف الناس حوله والتذكير به وإحيائه سنويا حتى لا يطويه النسيان، وحتى يتيقن الإنسان أن ما يجمعه بأبناء جنسه أعظم وأرقى وأعم وأشمل من صراع الهيمنة السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تهدف إلى تدمير الحضارة الإنسانية بكل مكتسباتها الجمالية والأخلاقية.
ونحن في شهر نوفمبر نذكر مثلا يوم المحاربين القدامى الذي يوافق 11 نوفمبر من كل عام ويرمز له بزهور شقائق النعمان ولونها الأحمر والتي نبتت على قبور شهداء الحرب العالمية الأولى فأصبحت ترمز إلى الحب والتضحية ويتزين الشعب البريطاني فيه بتلك الزهور وهو يوم لتكريم المحاربين القدامى أحياء وشهداء لإحياء ذكرى من ضحوا في سبيل الوطن، كذلك اليوم العالمي للتسامح 16 نوفمبر ونحن مقبلون على اليوم العالمي لحقوق الطفل 20 نوفمبر، واليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة 25 نوفمبر.
ورغم عدم الاهتمام الإعلامي الكافي من وسائل الإعلام العالمية والإقليمية بهذه الأيام الاحتفالية، وذلك بسبب انشغال الرأي العام العالمي بالأخبار السياسية وما يترتب عليها من نتائج إلا أننا لن نيأس من إحياء فضيلة التسامح والتعايش والتراحم حتى نلقى الله بقلوب سليمة.
ومن موقعي هنا أوجه رسالة إلى أبناء وطني الأعزاء، أبناء هذه الأرض الطيبة التي تحتضن جاليات من شعوب الأرض جميعا بأن نعلي من قيمنا الأخلاقية الأصيلة وألا تنسينا مواقع التواصل الاجتماعي الخادعة سنن الله في الخلق من اختلاف وتنوع ثقافي، وأن الله خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف لا لنتباغض فيما بيننا، فالمجتمع الدولي لن تستقيم له حياة إلا بالتسامح والتعايش والاحترام والتقدير المتبادل وأن الأعياد والاحتفالات بكل أنواعها هي من اعظم الوسائل التي تجمع ولا تفرق وكيف أن كل الوافدين يحتفلون معنا بالعيد الوطني بمشاعر صادقة.
وأننا شاهدنا جميعا في ذكرى مولد رسولنا الكريم كيف تضامن العقلاء من كل الأديان في موقف موحد رافض للإساءة لنبينا الكريم ولكل المقدسات حتى لا تكون الإساءة تحت ستار حرية الرأي والتعبير ذريعة لنشر الفوضى والفتنة. نحن كأبناء الكويت علينا أن نثبت للعالم أن الكويت كانت وستظل واحة الإنسانية، لاسيما اننا في بداية عهد جديد لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه، والمعروف بدماثة الخلق وحكمة القادة وبقلب يحمل من العطف والرحمة ما يسعنا جميعا، لنبدأ بروح ووعي جديد نحو مستقبل مشرق تحت مظلة الإنسانية والتسامح، متوجهين إلى المولى عز وجل بأن يوفق قائدنا الحكيم والدي العزيز صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد، حفظهما الله ورعاهما، وأن يكونا خير خلف لخير سلف، والله ولي كل نعمة وكل توفيق.
حفظ الله وطننا العزيز والعالم أجمع من الشرور والفتن ورزقنا بفضله وكرمه الأمن والرخاء والسلام.