«أرض الخلود» و«أرض الفردوس العظيم»، هكذا وصفها المؤرخون قديما نظرا لشهرتها بينابيع المياه العذبة وغابات النخيل، وهي الأرض التي شهدت حضارات تمتد جذورها لأكثر من 5000 عام، وحلقة الوصل بين حضارات الشرق الأقصى والشرق الأوسط، نحن نتحدث عن مملكة البحرين العزيزة والتي تحتفل باليوبيل الذهبي لاستقلالها في الـ 16 من ديسمبر الجاري 2021 وبالذكرى 22 لجلوس صاحب الجلالة والفخامة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، على العرش، لذا أحببنا أن نقدم التهنئة لأشقائنا في مملكة البحرين قيادة وشعبا وأن نشاركهم أفراحهم ومساعيهم لمستقبل أفضل يكون فيه الكيان الخليجي أرض الخير والأمن والسلام لمن يعيش فيه.
كانت البحرين - ولاتزال - محط أنظار وإعجاب المناصرين للحضارة والسلام والنجاح في مجالات الحياة المتعددة، حيث عرفت قديما وقبل الميلاد بـ «حضارة دلمون» ثم «تايلوس» و«أوال» وكانت حلقة وصل ومحطة لطرق التجارة بين الشرق والغرب مما جعل أرضها تشهد مزيجا من الأعراق والثقافات المتنوعة يتعايشون في أمن وسلام واستمر ذلك حتى ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، فكانت أول من ساهم في نشر الإسلام في شرق آسيا، وإلى اليوم يشهد كل من على أرض مملكة البحرين من مواطنين ومقيمين وزائرين هذا التناغم المعيشي فيما بينهم رغم اختلاف عقائدهم وثقافاتهم، هذا التعايش بفضل الله تعالى حيث الموروث التاريخي الحضاري لهذه الأرض الطيبة، والجهود العظيمة لحكام مملكة البحرين آل خليفة العظام والذين يحكمون هذه البقعة الطيبة منذ القرن الثامن عشر وحتى يومنا هذا.
هذا الإرث الحضاري العظيم تمت ترجمته في بداية عهد الملك حمد بن عيسى آل خليفة في دستور 2002 وميثاق العمل الوطني ولاحقا في التعديلات الدستورية 2012 والتي جميعا كانت ولاتزال تهدف إلى نهج احترام حقوق الإنسان لتعزيز دولة المؤسسات وفق ثوابت وطنية راسخة لا تقبل المساس أو العبث لتحقيق الاستقرار والرخاء، ولعلني أذكر مقولة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث قال «سيظل انتهاج الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان جناحين تطير بهما البحرين إلى آفاق المستقبل، وهما ركيزتان رئيسيتان في المشروع الإصلاحي الشامل، وبهما جرى تعزيز الحقوق الدستورية وفق ثوابت وطنية وإسلامية وبما يتوافق مع إرادة الشعب».
ولمواكبة متطلبات العصر الحديث المتسارعة وبنظرة ثاقبة خبيرة استشرفت التغيرات المستقبلية أطلق الملك حمد بن عيسى آل خليفة مشروعه الإصلاحي «رؤية 2030» والذي يرتكز على 3 محاور «الاستدامة والعدالة والتنافسية» ويشرف على هذا المشروع الإصلاحي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، حفظه الله- رئيس مجلس الوزراء ونائب القائد الأعلى ورئيس مجلس التنمية الاقتصادية وهو المجلس الذي يتولى إدارة وتنفيذ الرؤية المستقبلية لاقتصاد المملكة وذلك بالتعاون مع وزارات المملكة وهيئات استشارية عالمية، وقد اعتمدت خارطة الطريق منذ عام 2008 والتي تهدف إلى تحويل اقتصاد المملكة إلى التنافسية العالمية، وقد أنشأت المملكة في إطار سعيها لتحقيق هذه الرؤية «منطقة البحرين العالمية للاستثمار» من قبل وزارة الصناعة والتجارة والسياحة وهي المنطقة التي تضم 114 شركة صناعية وشركات خدمات محلية متعددة الجنسيات وتوظف أكثر من 5200 موظف وتبلغ نسبة استثمار الشركات الدولية فيها 80% بمبلغ يتعدى ملياري دولار.
ولا ننسى في هذا المشروع الإصلاحي دور «معهد البحرين للتنمية السياسية» والذي يرأسه وزير الدولة لشؤون الإعلام د.علي بن محمد الرميحي، وهو المعهد الذي تأسس عام 2005 بهدف تدريب وتحضير الكوادر السياسية والإعلامية ورفع مستوى الوعي السياسي والإعلامي والثقافي كدعم لتحقيق الإصلاح الشامل وليس الاقتصادي فقط.
ولا يسعنا المقال أن نستفيض في الكلام عن مملكة البحرين الشقيقة، لأننا لن نوفيها حقها، فهي بالنسبة لي نموذج لكل ما هو طيب وجميل وتحتل في نفسي مكانة خاصة، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقهم قيادة وشعبا لكل خير وتقدم ورخاء وأمن وأمان، كل الحب والتقدير والتهاني للأشقاء في عيدهم الوطني، حفظ الله المملكة من كل سوء وجعل كل أيامهم أعيادا وسعادة.