انتشار المخدرات وجرائم القتل في المجتمع الكويتي في السنوات الأخيرة ظاهرة يجب أن يفزع لها الشعب الكويتي وينتفض من سُباته وهى ظاهرة غريبة عن مجتمعنا المعروف بأنه مجتمع محافظ ومترابط اجتماعيًا، مجتمع كان يُضرب به المثل في الانضباط والوعى وقدوة لدول الجوار.
وكنت قد نبهت قبل بضع سنوات إلى خطورة الغفلة عن الأطفال والشباب وتركهم فريسة لمواقع التواصل الاجتماعي والمخدرات وانشغال الآباء عن أبنائهم بأمور حياتية لا ترقى لأهمية الرقابة الأسرية على الأبناء والتي يجب أن تكون في مقدمة الأولويات لكل أسرة وذلك حفاظا عليهم وعلى الأمن المجتمعي والذي يعتبر الركيزة الأساسية لاستقرار الوطن وأمنه المجتمعي.
ومما لا شك فيه أن انتشار ظاهرة العنف الأسرى وجرائم القتل العمد نتيجة انتشار تعاطى المخدرات وإدمان مواقع التواصل الاجتماعي المليئة بمشاهد العنف والتراشق بالألفاظ لأسباب مذهبية وسياسية ورياضية مما يربى في النشء والشباب ظواهر سلبية كالتعصب والغضب وتقلب المزاج واضطراب النفس واختلالها وذلك كله لغياب المنهج التربوي والقدوة الحسنة في الأسرة والمدرسة وشبه غياب للأنشطة الرياضية التي يستطيع الشباب من خلالها تفريغ طاقاتهم.
لقد تعرضت شخصيًا لحادث في عام 2017 بسبب تهور شاب متعاط للمخدرات بعد أن اقتحم بسيارته حديقة منزلي وأصاب ابنتي التي نُقِلت إلى المستشفى وتعافت بفضل الله، وعندما وصلت الشرطة تبين أن هذا الشاب متعاط للمخدرات بل وعثر رجال الشرطة بحوزة ذلك الشاب على المخدرات داخل سيارته وهذه حالة من حالات التلبس ومن الصعب الإفلات منها قانونيا وتم تسجيل قضية ولا أخفيكم سرا عن كمية التهديد والوعيد التي تلقيتها! وبعد الاستعلام عما آلت إليه إجراءات التقاضي اكتشفت ويا للأسف حصوله على براءة من التهمة! والحقيقة لا أعلم ما نوع الثغرة القانونية أو الوساطة والمحسوبية التي تجعل هذا المجرم يفلت من سيف العدالة! علمًا بأنه شاهدنا حالات كثيرة يتم فيها التعدي على رجال الشرطة وهذا يقينا أمر كارثي وخطير وينذر بعواقب وخيمة حتى أصبحت تجارة المخدرات والتعاطي تتم علنا في الساحات وأمام المنازل دون أدنى احترام لحرمة العوائل والقانون!
الحقيقة يا سادة أن مناشدة أولياء الأمور ووزارة التربية ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني بتوعية الأطفال والنشء والشباب ليس كافيا، ولكن كما يقولون: «من أمن العقوبة أساء الأدب» وأن تغليظ العقوبة على أن تشمل أولياء الأمور أنفسهم هو الحل الرادع للجميع، كما أن وزارة الداخلية يجب عليها سرعة تنفيذ الأحكام تحقيقا للعدالة الناجزة ولردع من تسول له نفسه الاستهتار بأرواح الناس وأمنهم وسلامتهم، وإن أردنا الإصلاح حقا فيجب ملاحقة الفاسدين المجرمين الخارجين عن القانون على حد سواء دون النظر إلى عوائلهم أو مناصبهم أو من وراءهم ويدعمهم ويساندهم فمن يدعم ويساند الفساد فهو فاسد ومجرم أيضا..! المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع المدني والحكومة الكويتية ممثلة في وزاراتها المعنية بالأمر، ويجب إيجاد حلول سريعة وناجزة لوقف نزيف الدماء البريئة وضياع مستقبل أبنائنا من الأطفال والشباب لكى تنقشع غيوم الغفلة عن سماء وطننا الحبيب لتشرق شمسه من جديد، وإن نفذ المجرم بجريمته والمتجبر بجبروته من عدالة الأرض فيقينا لن يفلت من عدالة السماء.
اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.