صلاح الساير
في عاصمة الضباب جلست على طاولة في مطعم بجوار أب انجليزي بصحبة ابنيه الصغيرين، عمر الاكبر يقارب العشر سنوات اما الصغير فلم يتجاوز الثلاثة اعوام، يتحدثون ويناقشون امرا يتعلق بالحديقة الخلفية في منزلهم.
وبينما كان الابن الاكبر يتحدث ابتعد اخوه الصغير عن الطاولة فاضطر الاب لمقاطعة الابن مستخدما عبارة excuse me ليعيد ابنه الآخر الى الطاولة، فعجبت انا العربي من هذا السلوك الغربي والغريب، اب يعتذر من ابنه يرجوه ان يتوقف عن الكلام لفترة بسيطة ولأمر ضروري.
سرحت بالافكار وتذكرت الاطفال في مجتمعاتنا العربية المريضة الذين لا يحظون بمثل هذا الاحترام، فلا مكان في الذهنية العربية لأدب الحوار بين الكبار ناهيك عن الصغار، فلا اب او ام عربيين يقولان لابنهما الصغير «لو سمحت اغلق الباب» او غيرها من عبارات التهذيب والاحترام حتى لا تهتز الصورة النمطية للاب المتسلط او الام المتجبرة.
الحديث بين الآباء والابناء في مجتمعاتنا العربية يشابه الحديث بين العساكر في الجيش، ضابط يصدر الامر وجندي ينفذ، لا مجال للنقاش او الاختلاف او الاحترام او الاعتذار.