العقد شريعة المتعاقدين، فبعد أن يتفق المؤسسون على تشييد مصنع أدوية، ليس من المقبول أو المعقول أن يغير أحد الأطراف المتعاقدين رأيه، ويقرر «الخروج» عن الاتفاق أو ينقض العقد بالإرادة المنفردة فيطالب بتحويل المصنع إلى بستان أو حتى مسجد.
وحين قرر الكويتيون الأوائل البقاء على ضفاف الجون، ودافعوا عن بلادهم، واجتهدوا لإعمارها وتنميتها وتحويلها إلى ميناء تجاري، واهتموا بالتعليم وتطوير الحياة فيها، لم يكن هدفهم تأسيس دولة دينية يدير شؤونها «المطاوعة» مهما علت قامتهم الدينية.
فالكويت، مذ تخلقت، دولة «مدنية» قائمة على حركة السوق والتجارة وصيد اللؤلؤ والاستيراد والتصدير وسائر المناشط الدنيوية، وقد تعاقب على حكمها قادة حرصوا على استشارة أهل المعرفة والخبرة في مختلف القطاعات المدنية لإصدار القوانين والأحكام المنظمة للمجتمع حسبما تقتضيه مصالح الناس ويتناسب والزمن الذي يعيشون فيه.
أما الإصرار على تحويل الكويت إلى دولة دينية والاستقواء بالفتاوى فهو «خروج» عن العقد، ونقض لاتفاق مضى على تطبيقه قرون طويلة، وتلك خطيئة كبرى لو تعلمون.