نصغي للمغني، اللهم يا كافي، فلا نسمع موهبة صوتية أو أداء مميزا. ونتأمل في اللوحات الفنية المرسومة فلا نرصد فنا بين الخطوط والألوان وتوزيع المساحات. فالخواء سيد الأمكنة، والمذيع بلا حنجرة، والكاتب بلا بصمة. شيخ دين بلا دين ولا حياء أو خجل. محلل سياسي يهرف بما لا يعرف، ومثله الناشط الذي يخبط كمثل حاطب ليل، تارة باليمين وتارة بالشمال. أما أنت.. فأنت وحدك في الأرض والجميع يلوحون لك من أسطح لا سلالم فيها تصعد إليها.
***
(لا تجعلوا من الحمقى مشاهير) صرخة تاهت في الفراغ ولم يصغ لها أحد، مثلما لن ينفذها أحد. وكان إطلاقها خطأ من الأساس لأنها نداء ضائع إلى مجتمعات مسؤولة مباشرة عن صناعة الحمقى، وبالتالي هي لن تصغي لهذا التحذير الذي يسعى إلى محو منتجاتها من الوجود، وسحب بضاعتها من السوق. وذلك أمر، يا ولداه، يفضي بنا إلى نتيجة مرعبة تعتبر من أخطر جوانب ظاهرة نجومية التافهين لأنها لا تكتفي بالكشف عن مرض الأحمق التافه بل تشير إلى وباء وعلة باطنية تفتك بنا.
***
النجومية المصاحبة لأشخاص لا موهبة لديهم ولا عطاء مميزا، أمر جلل يكشف لنا فساد الذائقة الجمعية. ومن المؤكد أن فساد الذائقة الذي يمكن رصده في غير موقع ومجال يعكس خللا أكيدا في الذهنية العاجزة عن إدراك شروط التميز ومواصفات العطاء الجاد والعمل الرصين فيقبل الناس على النجم بعيون الأم التي تحسب ابنها القرد غزالا جميلا. وتبرق نجوم الغربان وتصعد، لتكسد أسواق (الشياهين) والبلابل.. وهكذا فإن شهرة الحمقى تتجاوز الأحمق، الأهبل، التافه، السفيه، الدعي، لتبلغ الجرح البليغ.
www.salahsayer.com
@salah_sayer