تنتشر في بلادنا ظواهر غريبة عجيبة. ففي السنوات العشر الأخيرة تكاثرت نسبة الإصابة بالأمراض الخبيثة وتفشت السمنة وتزايدت عمليات التكميم والتجميل وحملة شهادات الدكتوراه وحوادث المرور وتفاقمت حفلات التكريم. ففي المركز العالمي لتوارد الخواطر (والاسم من تأليف الكاتب) أقيمت حفلة تكريم للدكتور «وارد خاطر» وحين دخلنا في التفاصيل (حيث يكمن الشيطان) عرفنا ان الدكتور «وارد خاطر» استحق حفل التكريم لأنه تحدث عن تجربته المثيرة والمتميزة والمتمثلة (بالتأثير عن بعد على خواطر الآخرين وكذلك توريد الخاطرة عن طريق توارد الخواطر) أو تخاطر التوارد.. لا فرق!
> > >
«كلمن طق طبله قال انا قبله» مثل شعبي كويتي يتجسد هذه الايام في حفلات التكريم والدروع التذكارية حيث كل من همس بكلمة بصرف النظر عن درجة رداءتها، أو انه قام بأداء عمل تافه هب القوم أجمعهم لتكريمه في حفل فخيم عظيم. فدروع التكريم المستعملة في بلادنا اكثر من الدروع التي استعملها جنود الاسكندر المقدوني وهو يغزو العالم. وقد نسمع في المقبل من الأيام أن إدارة العلاقات العامة في احدى الهيئات الرسمية اقامت حفل تكريم للموظفين الذي شاركوا في حفل تكريم مدير عام الهيئة الذي قام بتسليمهم دروع التكريم لأنهم شاركوا في حفل تكريمه.. و«خميس كمش خشم حبش»!
> > >
أعرف شخصا لا يستطيع احد تحديد لون جدار مكتبه (الحكومي) الكبير الذي تغطي جدرانه الاربعة اطارات ولوحات شهادات التكريم والدروع التذكارية التي تحصل عليها من مشاركاته في دورات من فئة (نص كم) ومدة الدورة (يوم وربع) وبتقديري هو شخص يستحق التكريم لمثابرته على تجميع ذلك الكم الكبير من الشهادات والدروع! ومثلما يبدو فإن ظاهرة التهافت على التكريم ظاهرة ديموقراطية في بلاد تكفل للجميع حق التعبير والكلام والتحليل السياسي والسكن والدراسة والتوزير والعمل والحصول على شهادات تكريم. ولم يتبق إلا إضافة الدروع إلى بطاقة التموين.. أنها الديموقراطية يا سيدي!
www.salahsayer.com
salah_sayer@