استمرار العنف النابع عن التطرف الديني وعجز المجتمعات والحكومات العربية عن علاجه والحد منه يعود إلى عوامل كثيرة منها قصور وسذاجة النظرة إلى شخصية الإرهابي واعتباره ضحية الفهم الديني الخاطئ، على اعتبار أن الشخص يصبح إرهابيا بسبب التضليل الديني الناجم عن المعلومات الدينية الخاطئة (!) وقد أفضت تلك النظرة القاصرة والساذجة إلى توهم الحلول الخادعة والتي تعرف بالمناصحة وإعادة تعريف الدين في ذهنية الإرهابي بغرض تصحيح الانحراف الفكري وإزالة التصورات الخاطئة وبناء مفاهيم شرعية معتدلة تساعد الإرهابي على الاندماج في المجتمع.
****
يغيب عن مخترع «المناصحة» أن المفاهيم الدينية ليست نظريات علمية يمكن شرحها وإعادة شرحها وتصحيحها في ذهن المتلقي بل هي مفاهيم «إيمانية» تختلف باختلاف الأشخاص.
وذلك ما يفسر تعدد المذاهب والطوائف في الإسلام. كما أن التطرف بحد ذاته ليس جريمة فهناك من يحمل أفكارا اجتماعية أو غذائية أو سياسية متطرفة لكنها تبقى في حدود دائرة الشخص المتطرف يمارسها في حياته الشخصية ونلمسها في سلوكه.
أما المشكلة مع الإرهابي فتتجلى في العنف الذي يمارسه لا الفكر المتطرف الذي في رأسه. وفي الواقع المعيش نعرف متطرفين دينيا لا يمارسون العنف ولا احد يعترض طريقهم.
****
ليس التطرف حكرا على الدين الإسلامي. ففي المجتمعات الأخرى التي لا يشكل الإسلام فيها أرضية ذهنية لأفرادها، يوجد متطرفون، ومنهم من يمارسون العنف والإرهاب ضد الأبرياء.
بيد أن الحكومات هناك تعتبرهم «فئة مريضة» لا «فئة ضالة» يرتكبون جرائمهم بسبب مرضهم وانحراف سلوكهم.
أما الضلال الفكري، وحده، فلا يجعل المرء عدوانيا أو يحوله إلى قاتل ما لم تكن لديه دوافع مرضية «نفسية» وذلك أمر يستدعي تدخل الجهات الطبية لعلاج المريض لا جهات دينية يضيع معها الوقت والجهد قبل أن يعود «الابن الضال» إلى ممارسة العنف ثانية مثلما حدث في مسجد الصادق.
www.salahsayer.com
salah_sayer@