عرفت الجزيرة العربية نظام ري وسقاية أقامه الأجداد بعبقريتهم اللافتة وعزيمتهم المدهشة بما يعرف بالأفلاج، وهي قنوات مائية (أنهار) حفرها الانسان لتجري تحت الأرض وفي باطن الجبال ومصدر المياه فيها من العيون والمياه الجوفية ثم يظهر الفلج/ النهر على سطح الأرض ليروي الزروع. وقد شاهدت بعض الأفلاج في سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وسمعت عنها في مملكة البحرين، وفي محافظة عيون الجواء في المملكة العربية السعودية شاهدت آثارا لتلك الأنهار التحتية ويطلقون عليها (المشاقيق) قنوات مائية تجري تحت الأسواق والمساجد والبيوت.
> > >
نظـــام ري مدهش واعجوبي يكاد لا يصدق حتى انهم نسبوا حفر القنوات المائية في باطن الجبال وأعماق الصخور الصلبة للجن لا للبشر على اعتبار ان العمل اقرب للمعجزة التي تفوق قدرة الانسان. ذلك ان الاسطورة الشعبية تفسر نشأة الفلج الداوودي (نوع من الافلاج) بان النبي سليمان بن داوود، عليه السلام، مكث في أحد كهوف جبال عمان لمدة عشرة أيام. فأمر الجن بحفر الف قناة مائية كل يوم، ومن الواضح انها اسطورة تحاول تفسير كثرة الأفلاج في سلطنة عمان.
> > >
فرضت الافلاج على المجتمعات القائمة حولها انظمة معمارية. فالحصن العسكري يبنى قرب رأس الفلج للمراقبة وحماية المصدر الرئيسي للمياه التي تجري بداية نحو المسجد للوضوء بماء طاهر، ثم لأحواض الاغتسال، وبعد ذلك تصب المياه في أحواض لشرب الدواب قبل أن تجري ناحية البساتين. وكان بعض الموسرين يخصصون جزءا من تركتهم وقفا للفلج الذي كان يصرف من ريعه على الفقراء والمعوزين واستضافة الضيوف القادمين إلى المنطقة التابعة لهذه الافلاج التي كانت تفيض بالخير على الأرض وعلى كل من دب فوق أديمها. www.salahsayer.com
salah_sayer@