أحاطت الأسوار القديمة ثلاث مستوطنات كويتية تاريخية هي قرية الجهراء والفحيحيل ومدينة الكويت.
ويمكن اعتبار كل واحدة من هذه المدن وما حولها (مجتمعا محليا) منفردا له نسقه الخاص وقيمه ومعاييره ووحدته النفسية والثقافية الخاصة به. وهكذا يتبين لنا (تاريخيا) قلة المجتمعات المحلية في الكويت وصغر حجمها الجغرافي والسكاني.
قياسا على الدول الأخرى كبيرة المساحة وكثيرة السكان والتي تكثر فيها التجمعات البشرية وتتباعد المسافات، فيما بينها فتكبر الفروق بين المجتمعات المحلية وتتعدد اللهجات والأعمال والعادات والأنساق والقيم.
> > >
صغر حجم المجتمعات المحلية في الكويت وقربها من بعض وقلة عدد افرادها قلص وأضعف من الفروقات فيما بين الأفراد. لذا لا نلمس فروقا كبيرة ما بين الشخصية القروية (سكان الفنطاس) وأهل الجهراء أو المرقاب وما تبعها من ضواحٍ سكنية مثل الشامية والفيحاء والمنقف. بعكس الفرق بين ابناء القاهرة وبدو شبه جزيرة سيناء، أو بين اهل دير الزور في سورية وسكان طرطوس.
ولا يغيب عن الشخص الفطن الدور الكبير الذي لعبه (العمل) في البحر في دمج المجتمعات المحلية في بلادنا حين كان الغوص يجمع الناس في سفينة واحدة.
****
بيد أن الذي حدث بعد الاستقلال وما تبعه من تطورات اقتصادية وسياسية أدى إلى تطورات اجتماعية حادة. فعدد السكان تفاقم بسرعة بسبب سياسية التجنيس، وكبرت رقعة السكن في وقت عجزت السياسة السكانية عن تعزيز أو خلق (مجتمعات محلية جديدة) فأصبحت الكتلة البشرية الأكبر (الجديدة) خارج حدود المجتمعات المحلية بالمفهوم العلمي والتي من شروط قيامها توافر خاصية (الاكتفاء الذاتي) في المجتمع المحلي الذي يعتمد الأفراد فيه على بعضهم البعض لاداء الوظائف الأساسية كالزراعة أو الغوص أو نحو ذلك من (اعمال منتجة) لا تتوافر في دولة الموظفين.
www.salahsayer.com
salah_sayer@