تعبر المنطقة بين مرحلتين متناقضتين. الأولى تعكس جميع منطلقات وأبعاد ومخلفات النظام العربي القديم «سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا» وتضم المتناقضات القومية وأحلام الإسلام السياسي وفكرة الصراع العربي- الإسرائيلي وأخيلة الصحوة وأوهام مجانية التعليم والدولة الرعوية وهيمنة الفساد. وهي مرحلة مرصودة بدأت بالانقلابات العسكرية المزورة وانتهت بالثورات الشعبية المزيفة. ومن جهة اخرى «المرحلة الثانية» نظام عربي جديد تتطلب ولادته هدم العقلية العميقة «لا الدولة العميقة» بما يتطلبه ذلك من اقتلاع افكار متجذرة وهياكل راسخة.
***
انه عبور مستحق ذلك أن تحديث الشرق الأوسط أمر لا مفر منه، وهو استحقاق مؤكد تفرضه طبيعة العصر. وقد شهدنا ما جرى في أكثر من عاصمة عربية من خطوات تتعلق بتطوير التعليم وتوريث المرأة وريادة الفضاء وقيادة المرأة للسيارة وفتح قنوات الاستثمار وخطوات مبدئية أخرى حدثت في سرعة قياسية واستقطبت القلوب وحشدت الأحلام تجاه المستقبل. بيد أن للمرحلة الجديدة خصوما وأعداء أشداء في الخارج والداخل. وبالطبع لن يصمت القديم ويترك الجديد يمضي إلى مبتغاه. وتلك طبيعة الأمور وطبائع البشر.
***
بعض الأحداث الجسام التي تعصف بنا هذه الأيام تعكس ممانعة «القديم» ومقاومته للجديد والإصرار على الاستمرار في عرقلته. ومن المحتمل ان تكون «العقلية العميقة» هي المسؤولة مباشرة أو غير مباشرة عن الأحداث التي من شأنها تشويه الصورة الجميلة وذبح الحلم الواعد. انها حرب صامتة. وللقديم دوافع حقيقية تجعله يخوض هذه الحرب. فالمرحلة الشرق وسطية الجديدة بيئة طاردة له. ولهذا هي حرب مقدسة وحرب من أجل البقاء. وهو يخوض الحرب بصمت. يلبس لبوسك ويأكل من طعامك ويصلي في صفوفك حتى يقترب منك قبل أن يغرس خنجره المسوم في خاصرتك.
www.salahsayer.com
@salah_sayer