بعد انتهاء الانتدابات الأوروبية وبدء إعلان استقلال عدد من الدول العربية وما تبعه من شعور كاذب باليقظة (!) تمثل في الجنوح القومجي والحركات الانقلابية والأنظمة الثورجية التي زعمت أنها تمثل جماهير الشعب، تعرض الوجدان العربي إلى ضربة موجعة حين سقطت ورقة التوت وافتضح عبث الثوار وعرف الناس خطورة الدولة الأمنية التي نقلت العساكر المغامرين من الثكنات إلى القصور، وهم الذين (بحكم ضعف إدراكهم وقلة تجاربهم وشح معارفهم) تسببوا في تدهور أحوال بلدانهم، وخلق بيئة فكرية غير عقلانية تفتش في السماء عن حلول لمشكلاتها على الأرض!
****
بيئة مسحورة ساعدت جماعات الإسلام السياسي على تحريض الناس ضد تلك الأنظمة الفاشلة ومغامراتها المريرة الخائبة. وفي السنوات الأخيرة وتحت ظلال رعاية إقليمية ودولية مرصودة مشهودة خرج الناس يتظاهرون ضد الطغيان ويطالبون بالديموقراطية والحرية (!) وبسبب البيئة المسحورة العاجزة عن التمييز، وانعدام الفهم السليم للدولة الحديثة، استطاعت القوى غير الديموقراطية والمعادية للحريات قيادة الجماهير المطالبة بالديموقراطية في مشهد غرائبي يقود فيه الذئب جموع الحملان ليخرجهم من المذبح إلى مذبح آخر.
****
كان ذلك، باختصار، المشهد العربي (الجمهورياتي) المأساوي الذي جرى في الساحة العربية منذ انقلاب بكر صدقي في العراق عام 1936 حتى اللحظة الراهنة مرورا بما يسمى بالربيع العربي الذي نظمته أكاديمية التغيير، فانضوت فيه الشعوب العربية (من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر) تحت ألوية قوى الظلام بأفكارها المعادية للعقلانية والحريات وحقوق الإنسان لتصبح صناديق الاقتراع الديموقراطي أشد خطرا على البلاد والعباد من صندوق الشرور في الأسطورة الاغريقية (باندورا) ينبغي الحرص على إغلاقها بإحكام بألف طريقة وطريقة.
www.salahsayer.com
salah_sayer@