تعرضت الجزيرة العربية (قلب العروبة) للعديد من الاحتلالات والغزوات ذهبت جميعها ادراج الرياح وبقى انسان هذه المنطقة صامدا بوجه الغزاة وتوحشهم، وامام الطبيعة وقسوتها. يضعف احيانا فيعود أقوى من ذي قبل. يشابه بيئته الصحراوية التي تذهل الناظرين زهورها واعشابها في فصل الربيع، وهي التي كادت تموت من الظمأ في القيظ.
ومن الغزاة نتذكر «ابرهة الحبشي» الذي جاء إلينا يقود الفيلة ليهدم البيت العتيق في «مكة» المركز الروحي للعرب، فعاد خاسئا مندحرا وبقي انسان المنطقة حرا لا يقبل الضيم في منطقة يندر فيها الماء وتكثر فيها الأنفس الأبية.
****
في الأزمنة الغابرة عبر الفرس من الضفة الشرقية للخليج العربي إلى الجزيرة العربية واحتلوا اجزاء منها، غير ان ابناء المنطقة صمدوا وتضافرت السواعد وتم اجلاء المعتدين الفرس حتى ملأ العرب السواحل الايرانية إلى اليوم! ومع تنامي أهمية الممرات المائية المحيطة بشبه الجزيرة العربية وانفتاح شهية الدول الكبرى تعاقبت الاحتلالات والغزوات ومحاولات السيطرة.
فجاء البرتغاليون والعثمانيون والبريطانيون وسواهم ومثلما جاءوا رحلوا، وبقيت الأرض في ايدي ابنائها البررة يعمرونها ويذبون عنها وينقشون لهم في سجل المجد نيشانا.
****
في تاريخ الاحتلال البرتغالي ومستعمراته الكثيرة في العالم لاحظ بعض الباحثين ان منطقة الخليج العربي رغم اهميتها في الملاحة الدولية كانت أسبق من غيرها في التحرر من سيطرة البرتغاليين مقارنة مع مناطق اخرى من العالم استمر فيها الاستعمار البرتغالي زمنا طويلا، تمكن خلاله من التأثير في معتقدات الناس الدينية والاجتماعية والاقتصادية في حين لم يتمكن ذلك الأجنبي من التأثير على سكان الجزيرة العربية الذين احتفظوا بديانتهم ولغتهم وثقافتهم وغرسوها في لغات وثقافات العالم.
www.salahsayer.com
salah_sayer@