في فيلم (دون جوان دي ماركو) يقوم الطبيب النفسي «مارلون براندو» بعلاج مريض «جوني ديب» يعاني من الهلوسات والتهيؤات ويعتقد أنه (دون جوان) سابي قلوب النساء العاشق الشهير حيث يتوهم أن المستشفى قصره الفخيم، والممرضات جواريه الحسان! يحدثه الطبيب عن المرض والعلاج المطلوب فيرد العاشق بكلام عن العشق والشوق والغرام وأنه على موعد مع حبيبته في إحدى الجزر. وحين عجز الطبيب عن علاج المريض تركه يمضي إلى الجزيرة ليعيش حقيقته المتوهمة، منتظراً بشوق عارم عاشقة لن تأتي ولا وجود لها سوى في الخيال.
***
في بلادنا ومذ كنا صغارا والناس من حولنا يتحدثون عن (المكتسبات الدستورية) وحين كبرنا وسرنا في طرقات الحياة الدنيا، وابيضت مفارقنا، أدركنا أن هذه (المكتسبات) لا تختلف كثيرا عن عاشقة دون جوان، لا وجود لها إلا في خيال البعض! والغريب في هذا المشهد (الدونجواني) أن الجميع طربوا وصفقوا لمغن لم يسمعوه من قبل في بلاد لم تكن الممارسة الديموقراطية هي الجديدة بل حتى الكلمة جديدة مستوردة فمعظم الناس كانوا بحارة يعرفون أن الدستور جزء من أجزاء السفينة أما (الدوموغراطيه) فلا للعهد للقوم بها.
***
ثمة مفاهيم وأقاويل خاطئة، أو لا معنى لها، لكنها سائدة وشائعة ومسيطرة على العقول رغم صعوبة أو استحالة إثبات صدقيتها. فالذي يحاول اليوم وبعد انجلاء غبار الوهم عن المشهد (الدوموغراطي الدونجواني) أن يثبت لك صحة مقولة (المكتسبات الدستورية) أو (الحريات الديموقراطية) لن يجد أمامه حقائق متوافرة يذكرها فيضطر إلى اللجوء للعالم الافتراضي واستعمال الكلمات الإنشائية أو العبارات الجاهزة المعلبة الجاهزة والتي تشبه إلى حد كبير كلمات العاشق «دون جوان دي ماركو» عن عشيقته الافتراضية.
www.salahsayer.com
@salah_sayer