يقال إن مدرب الفيلة يعمد إلى ربط ساق الفيل الصغير بحبل مثبت طرفه الآخر في عمود البناء. وبعد أن يحاول الفيل مرارا التخلص من الحبل ويعجز عن الخلاص يذعن للأمر الواقع. وبعد فترة زمنية يقوم المدرب بحل الطرف الآخر من العمود وإبقاء الحبل مربوطا في ساق الفيل الذي يكبر وهو لا يستطيع الابتعاد عن المكان مادام الحبل مربوطا في ساقه. وهكذا نحن مع العديد من القناعات أو المفاهيم أو الممارسات المبنية على ذلك الحبل (المربوط) في أذهاننا.
****
لهذا الحبل الوهمي قوة خارقة تفوق «الكلبجات» وسائر القيود والسلاسل المعدنية. فإذا كان الشرطي يقيد المتهم من يده، والسجين من رجله، وإذا كان العبيد يربطون من أعناقهم. فإن العقل أنسب مكان لربط الإنسان على وجه العموم. وذلك لضمان عدم خروجه عن المرسوم له أو المطلوب منه. فنحن نبقى في دائرة السكونية والجمود بسبب الأفكار الكامنة في عقولنا، لا بسبب القيود أو الحواجز أو القضبان. وليس السجين وحده المسجون فكذلك السجان مثله ومدير السجن والقاضي وسائر البشر سجناء خارج الزنازين والمعتقلات.
****
نحن أسرى ذهنيتنا المسؤولة عن سلوكنا ومصائرنا. وأسوق مثالا من علاقة الإنسان بالبحر. فالسباح حين يتعب من السباحة يستلقي على ظهره ليطفو دون عناء لأن كل إنسان يملك خاصية الطفو في الماء. أما الغرق فيكون سببه أفكارنا عن الغرق أو مشاعر خوف تجعل الإنسان يغرق في ذهنه قبل أن يغرق في البحر. لهذا نجد الإنسان المدرك يخشى الدخول إلى البحر بعكس الطفل الذي لم تكتمل مداركه يلقي بنفسه في بركة السباحة دونما وجل. وكذلك الحيوانات تعوم بتلقائية لأنها.. لا تفكر.
www.salahsayer.com