في أول موعد يضربه العاشق لمعشوقته يتم الاتفاق بينهما على الصدق وعدم الكذب على بعض. ومثل العشاق يفعل المرشح قبل الانتخابات. فالجيمع يتحدث عن الصدق.
والبشرية عبر تاريخها الطويل على الأرض تملك مخزونا عظيما من الحكم والأقوال المأثورة والأشعار والعبارات التي تشيد بفضيلة الصدق وتحذر من الكذب.
فجميع الاديان تحثنا على الصدق، وسائر المعابد على اختلافها تنهى عن الكذب. المناهج الدراسية، الأباء والأمهات، المعلمون، الصحف والإذاعة والتلفزيون.
فحيثما نكون يوجد من ينصحنا بالصدق ويحذرنا من الكذب.
***
هذا على صعيد الشعارات اما في الواقع المعيش فلا يجد المرء للصدق مطرحا ولا أثرا.
فالأكاذيب الجارفة تهدر كالسيول في الشوارع وعلى المنصات وفوق المنابر، وخلف الميكروفونات وفي الشاشات، وقرب الوردة الحمراء فوق طاولة العشاق.
فالسياسي يتحذلق ويكذب، والأزواج كذلك. الموظف يكذب على مديره، ومديره كذاب أشر.
الشركات تبطن عكس ما (تعلن) الدول الفاشلة تكذب على مواطنيها، والدول العظمى تكذب على العالم.
الطفل يتمارض ويكذب على أمه كي لا يذهب للمدرسة، والأم تكذب على جارتها بما يكفي لإثارة غيرتها المجنونة.
***
تسمع الجميع يتحدث عن الأمانة والإخلاص والشفافية والثقة والوفاء والصدق والنزاهة في الوقت الذي تشاهد هذه الدنيا الفانية تزدحم بالإفك والتزوير والخداع والدجل والغش.
فأنت تبصر عكس ما تسمع وكأن الأبصار تخون المسامع. يجدف المهرطقون على الله ويكذبون ويؤلفون أحكاما من عقولهم البشرية ثم يزعمون أنها ربانية.
وربما أدرك هذا المخلوق المدعو (آدمي) أن الكذب من طبيعته البشرية لهذا هو يجتهد ويبالغ بالحديث عن الصدق حتى اتخم المكتبات بالأشعار والحكم والأقوال (المأسورة) في داخل الكتب.
www.salahsayer.com
@salah_sayer