كنا نعتقد أن الأثقل هو الأقوى فعرفنا أن الأخف أقوى منه بعد اختلاف المعطيات وحدوث المتغيرات. فبعض الحشرات الصغيرة لم تزل تتكاثر وتعيش منذ عصر الديناصورات الثقيلة التي لم يحمها وزنها من الانقراض.
كانت الكاميرات الكبيرة تصور بشكل افضل قبل أن يتمكن المخترعون من صناعة الكاميرات الصغيرة (المايكرو) التي تقدم صورا وأفلاما مذهلة وعلى درجة عالية من الصفاء والوضوح. ونتذكر قبل سنوات حجم أجهزة الكمبيوتر الكبيرة التي اختفت من الأسواق (انقرضت) بعد أن استطاعت التكنولوجيا الحديثة تقديم كمبيوترات اصغر وأسرع وأكثر سعة.
***
الفولاذ مادة صلبة استعملها الإنسان قبل آلاف السنوات في استخدامات كثيرة.
أما اليوم فهناك من يتحدث عن مادة تشبه رغوة الصابون قوتها مئات المرات أقوى من الفولاذ وتتحمل اثقالا تفوق وزنها 40 ألف مرة، ولن تفوتني الإشارة إلى أحجام الهواتف التي تضاءلت والشاشات التي ترققت حتى أمست مثل ورق الجدران، وكنا أيام الشباب نحلم بإزالة الطغيان من على وجه الأرض.
فكبرنا لنصغر حين أدركنا بعد المشيب أن الأفضل إماطة الأذى عن الطريق. وفي الفن يدرك الفنان الحقيقي أن الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة يصنع فنا عظيما.
***
كان الاستثمار الناجح والأرباح الكثيرة تتحقق من الأعمال الكبيرة والثقيلة مثل شركات العقارات وبناء الأبراج وصناعة السيارات، فأصبح الاستثمار الناجح يكمن في تقديم خدمة المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية القصيرة وتطبيقات ألعاب التسلية وسائر المنتجات متدنية السعر حيث يقبل الملايين من البشر على استعمالها ودفع المبالغ الزهيدة التي تتحول إلى مبالغ كبيرة.
ففي الماضي كانت الطبقة الثرية شريحة مستهدفة من الشركات، أما اليوم فالشريحة المستهدفة يشكلها العمال والمزارعون وربات البيوت والأطفال.. فالعالم يصغر ليكبر!
www.salahsayer.com
@salah_sayer