يواجه المسلمون في الولايات المتحدة الأميركية تحديا جديدا يتمثل في انتشار عنصرية جديدة ضدهم هناك، ولا يتعلق الأمر فقط بـ «مسجد نيويورك» كما هو شائع لدى البعض، بل إن عدوى كراهية المسلمين باتت تنتشر في أميركا بشكل مخيف، ففي الأشهر الماضية فقط تم حرق معدات بناء مسجد في ولاية تنيسي، وفي منطقة كوينز دخل شخص أحد المساجد أثناء صلاة التروايح صارخا بشتائم ضد الإسلام ثم قام بالتبول في المسجد، وفي نيويورك قام مواطن أميركي بطعن سائق تاكسي مسلم بعد أن سأله: كيف حالك في شهر رمضان؟ للتأكد من أنه مسلم، وفي الولايات المختلفة يتم تعليق رسائل عنصرية على أبواب بعض المساجد ويتم عمل مظاهرات ضد بناء مراكز إسلامية جديدة، ولا ننسى الدعوة إلى حرق القرآن من قبل كنيسة. كل ما سبق يجعلنا نلاحظ أن العنصرية الجديدة في أميركا هي عنصرية ضد الإسلام.
ومن يظن أن العنصرية أمر لا يحدث في أميركا فهو مخطئ، فالولايات المتحدة بنيت على جثث الأميركيين الأصليين (المعروفين بالهنود الحمر)، ثم انتقلت الكراهية ضد اليهود في القرن السابع عشر مع بداية الهجرة إلى أميركا، ثم تركزت الكراهية لفترة طويلة ضد المسيحيين من أصل كاثوليكي، فولاية جورجيا حاولت منعهم من السكن في القرن الثامن عشر، وحتى العام 1960 لم يستطع مسيحي كاثوليكي من الوصول لرئاسة أميركا إلا بفوز جون كنيدي رغم ما واجه من انتقادات قاسية بسبب دينه. وفي عام 1844 قتل مؤسس ديانة المورمين المسيحية، مما ألزم أتباعه الهجرة إلى منطقة معزولة عرفت فيما بعد بولاية يوتا. ومع نهاية الحرب الأهلية تم حرق كنائس الأميركيين من أصل أفريقي، وفي 1882 صدر قانون بمنع أبناء المهاجرين الصينيين من الحصول على الجنسية أو التصويت، وفي العام التالي صدر قرار حكومي يعتبر ديانة الأميركيين الأصليين مهينة للرب وعليه يسجن من يؤدي شعائرها لمدة قد تصل إلى 30 عاما. وفي عام 1915 انتشرت جماعة الكوكلس كلان على مستوى فيدرالي حيث انضم ما يقرب من 4 ملايين عضو للجماعة التي تهدف للتخلص من اليهود والكاثوليكيين والأميركيين من أصل أفريقي، وخلال الحرب العالمية الثانية تم حجز ما يقرب من 120 ألف أميركي من أصل ياباني في مناطق خاصة. ولعل آخر العنصرية الأميركية الواضحة كانت ضد الأميركيين من أصل أفريقي من خلال منعهم من التصويت ثم فرض «الفصل» بينهم وبين باقي الأميركيين في المدارس والمطاعم وحتى وسائل النقل العامة.
والآن وبكل أسف نجد توجها خطيرا من قبل بعض المسؤولين الجمهوريين وبعض الناشطين سياسيا في أميركا لخلق عنصرية جديدة ضد المسلمين، ولعل «مسجد نيويورك» هو الحد الفاصل، فإذا تم منع المسلمين من بناء هذا المسجد فقد تكون هذه البداية لأمور أخطر، وكلنا أمل في المسؤولين الديموقراطيين وعلى رأسهم الرئيس أوباما الذين يحاولون وأد هذه العنصرية الجديدة، ولعل الانتخابات القادمة في نوفمبر لاختيار ممثلين جدد في مجلس الشيوخ سيكون لها التأثير الكبير في مستقبل المسلمين في أميركا وهو ما سنتطرق له في المقالات القادمة بإذن الله.
[email protected]