عندما يغضب مواطن بسيط من سوء وضع البلد ويشير بأصابع الاتهام لمجلس الأمة لا الحكومة، قد أقول: هو مواطن بسيط ولا يدرك كل تفاصيل لعبة السياسة، لكن أن يصرح بعض الوزراء السابقين بكل جرأة بأن مجلس الأمة يقف عقبة ضد التنمية وتطوير البلد، ثم يلمح هؤلاء الوزراء إلى أن فكرة إلغاء مجلس الأمة ليست سيئة، فهذا أمر غير مقبول لأن الوزير ليس كعامة الشعب، فالوزير من المفترض ـ على الأقل ـ أن يكون متعلما ومثقفا ومؤمنا بالديموقراطية.
كيف يقسم وزير أمام مجلس الأمة ويصبح عضوا فيه يصوت على القوانين ورفع الحصانات وشطب الاستجوابات، ثم بعد رحيله عن الوزراة يقول: «لو أغلق المجلس لكنا بخير»؟! وكيف يقول وزير آخر: ليمتنع نواب الأغلبية عن الترشح ولنجرب حكومة بدون مجلس ـ حقيقي على الأقل ـ لمدة 4 سنوات ونر النتيجة؟! كيف يصف وزير آخر الشباب ممن دخلوا مجلس الأمة لإيصال رسالة سياسية بأنهم «أتباع أبي جهل» وأن مصير هؤلاء الشباب «الدرك الأسفل من نار جهنم»؟! هذه ليست أفكار الوزراء السابقين بينهم وبين أنفسهم، هذه ليست آراء الوزراء السابقين مع زملائهم بالسر حيث تمرح وتسرح الآراء العنصرية والطائفية والقبلية، هذه آراء الوزراء السابقين العلنية سواء عبر لقاء أو مقال أو ندوة.
نعم الوضع سيئ.. نعم التعليم والصحة والأمن والمرور والسياحة والثقافة وكل ما يمكن أن تفكر فيه سيئ ويزداد سوءا يوما بعد يوم. نعم قد يكون عضو أو مجموعة من الأعضاء لهم أهداف تخريبية لإسقاط وزير أو حتى رئيس وزراء، ولكن يا عزيزي القارئ أتمنى منك أن تفكر ولو لدقيقة واحدة بعيدا عن أي عنصرية طائفية أو قبلية: لقد جربنا أن تكون الحكومة غير منتخبة لمدة 50 عاما وباعتراف الجميع الأمور سيئة.. فهل نلقي اللوم على مجلس نحن من اخترناه ونحن من غيرنا نوابه على الدوام، فأنجبنا مجلسا حكوميا وآخر معارضا وآخر قبيضا؟! أم نلقي اللوم على حكومة لم ننتخبها، لم نقيمها، لم نغيرها، على الأقل لم نغيرها بطريقة مباشرة؟!
هل نلقي اللوم على نائب يكشف فساد حكومة فترفع حصانته ويحاكم وقد يسجن، أم نلقي اللوم على وزير يعلم عن تجاوزات مليارية ويسكت؟! وإن لم يعلم الوزير، فهل يستحق أن يجلس في منصبه دقيقة أخرى؟! تجربة المجلس قابلتها عقبات من صنع الحكومات، فتارة تزور الانتخابات، وتارة يحل المجلس، وتارة يعلق الدستور لسنوات. فهل نحن «كفو ديموقراطية؟» أم فعلا كما قال الوزير السابق: لنغلق المجلس؟! أسمعونا ردكم يا شعب الكويت.. والله ولي التوفيق.
[email protected]
sultanalanzi@