تعتبر الصين منافسا قويا للاقتصاد الأميركي يحسب له الأميركان ألف حساب.
بدأت الصين كقوة منذ قيام الثورة الشيوعية فيها في 1949 بزعامة ماوتسي تونغ الذي يعتبره الصينيون قائدهم الملهم.
بدأ بتطبيق النظام الاشتراكي (التعاونيات) فيها لكنه أخفق وتسبب بمجاعة عظمى اجتاحت الصين خلال الخمسينيات من القرن الماضي وأدت إلى موت عشرات الملايين من الشعب الصيني غالبيتهم من الفلاحين حيث تقدر بعض المصادر أن عدد الموتى يناهز السبعين مليونا.
حتى طائر الدوري (الزرزور) لم يسلم من سياسة الزعيم الملهم وكاد أن ينقرض، فقد قتل الملايين من طائر الدوري من أجل زيادة المحصول الزراعي ثم اكتشف الصينيون بأن قتل الطائر أدى إلى زيادة الآفات والحشرات التي أتت على معظم المحصول وبدا لهم أن يتركوا الطائر وشأنه ليعيش ويساعد في دعم الإنتاج الزراعي.
وتحت القبضة الحديدية للحزب الشيوعي لم يستطع الصينيون انتقاد قائدهم الملهم صاحب فكرة (القفزة الكبرى إلى الأمام). وإذا كان الصينيون قد عانوا كثيرا من تطبيق الاشتراكية فقد عانوا كذلك من الأيديولوجيا الشيوعية التي تقوم على الإلحاد ومحاربة كافة الأديان بما فيها البوذية التي يدين بها غالب الشعب الصيني.
ولعل أكثر من عانى من القمع الشيوعي للدين هم المسلمون الإيغور من القومية التركية الذين اختطفت جمهوريتهم التركستانية الشرقية من قبل الصين في العام 1949 وسميت بإقليم شنجيانج، والسبب في قمعهم هو انكشافهم للشيوعيين حيث يتعبد المسلمون في مساجدهم ويصومون شهر رمضان ويحتفلون بأعيادهم بشكل جماعي مما يثير حفيظة السلطات الشيوعية التي تعتبر ذلك خيانة للوطنية الصينية وللأيديولوجيا الشيوعية التي تقوم على الإلحاد واحتقار الأديان.
وقد زاد من معاناة المسلمين الإيغور عدم وجود قوى تدافع عن حقوقهم كحال الاقلية المسيحية التي تحظى بدعم من الأميركيين والأوروبيين والفاتيكان وكذلك الحملة ضد الإرهاب التي شنتها وسائل الإعلام الغربية والتي تستهدف تشويه صورة الإسلام والمسلمين حيث تلقفتها الصين بكل ترحيب واتخذتها مبررا في فرض التعاليم الشيوعية على المسلمين قسرا من خلال إقامتها معسكرات اعتقال حديثة لمليون إيغوري مسلم أطلقت الصين عليها اسم (مراكز مكافحة التطرف) لكسب التأييد العالمي.
وكالعادة اكتفت الأمم المتحدة بالتعبير عن شعورها بالقلق من تلك السياسة الشيوعية.
لم تتجاوز الصين مشكلاتها الاقتصادية الناتجة من تجاربها الفاشلة التي عانى منها الصينيون إلا بعد الاستعانة بالنظم الرأسمالية والسماح بالاستثمار الأجنبي داخل الصين والصيني خارجها، والسماح بالمشاريع الصغيرة وبعض المشاريع الخاصة الكبيرة ومنح الفلاحين المزيد من حقوق الملكية مع تحول تدريجي نحو السوق الاقتصادي الرأسمالي.
لكن هذا التسامح الصيني مع اقتصاد العدو الرأسمالي لا يقابله أي تسامح مع حرية ممارسة العقائد الدينية لأن أفضل وسيلة للسيطرة على الشعب الصيني وإخضاعه تكمن في مراقبته ثم محاسبته بكل وحشية عندما يخالف الأيديولوجيا التي فرضها عليه الحزب الشيوعي القائمة على الإلحاد وتقديس الحزب دون غيره.