لا يتوقف الرئيس ترامب عن استعراض شعبويته أمام مواطنيه مع ما تشكله من خطورة على وحدة الشعب الأميركي الذي يبدو أنه وصل إلى ذروة الانقسام بعد حادث طرود القنابل الأنبوبية التي بعث بها المتطرف اليميني سيزار المفتون كثيرا بترامب إلى مجموعة من الساسة الديموقراطيين الذين يبغضهم حتى الموت ومن بينهم الرئيس السابق أوباما ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والسيناتور بوكر والسيناتور ماكسين ووترز، حتى شبكة CNN الإخبارية التي يكرهها ترامب تسلمت إحدى تلك القنابل من سيزار، ومن حسن الحظ أن تلك القنابل تم اكتشافها وإبطالها قبل أن تنفجر وتسبب هلعا أمنيا.
لابد أن يكون سيزار قد بلغت به المشاعر الشعبوية حدا لم يستطع مقاومته مما دفعه إلى هذا السلوك الإرهابي تجاه رئيسه السابق ووزيرة خارجية بلاده، وهو بذلك يتقاسم مع رئيسه تلك المشاعر الشعبوية الجياشة التي طالما عبر عنها ترامب عند انتقاداته للرئيس أوباما وهيلاري كلينتون خلال حملته الانتخابية.
فضيحة ووترغيت في السبعينيات من القرن الماضي كانت مثالا للتقاطب الجمهوري الديموقراطي على المستوى الحزبي وكانت سببا في إرغام الرئيس الجمهوري نيكسون على الاستقالة عندما أدين بتجسسه على الحزب الديموقراطي.
أما قنابل سيزار فهي مثال آخر على هذا التقاطب الذي تنامى بشكل لافت للنظر منذ تربع ترامب على كرسي الرئاسة، ولكن على المستوى الشعبي الذي ينذر باتساع فجوة الانقسام بين فئات المجتمع الأميركي وتحول اليمينيين المتطرفين إلى قنابل متفجرة ضد مخالفيهم.
حاول ترامب بعد حادث قنابل سيزار أن ينأى بنفسه عن التسبب بهذا الانقسام لكن من الصعب أن يقنع الشعب الأميركي بذلك بعد سلسلة الاعتداءات المتواصلة التي قام بها اليمينيون المتطرفون ضد نظرائهم الأميركيين الرافضين لسياساته العنصرية وآخرها حادث الدهس الذي تعرض له المتظاهرون من قبل اليميني المتطرف جيمس فيلدز في ولاية فرجينيا الذي يؤمن بتفوق الرجل الأبيض على أساس الانتقاء الطبيعي ويعارض فكرة المساواة وهي نفس الفكرة التي يؤمن بها روبرت بور الذي قام قبل أيام بالاعتداء على كنيس يهودي في ولاية بنسلفانيا وتراوده فكرة استحالة التعايش مع المسلمين واليهود. سيزار ليس حالة شاذة بل هناك الملايين من أمثال سيزار الذين تشبعوا بالكراهية ويرون أنفسهم أحق من الآخرين في الحياة على الأرض الأميركية وقد وجدوا ضالتهم في خطابات ترامب الشعبوية التي توافق أفكارهم العنصرية.
اليوم ينتاب الأميركيون شعور بالخوف من تنامي الإرهاب المحلي الذي لا يمكن السيطرة عليه أكثر من خوفهم من الإرهاب الخارجي، وهم في حيرة مع رئيس لا يعبأ بما أحدثه من انقسام داخل المجتمع الأميركي ولا يكف عن خطاباته الشعبوية التي تشجع على الكراهية وتحرض على الانتقام ولن يقدم على إدانة اليمينيين المتطرفين لأنهم حاضنته الشعبية وسر نجاحه الانتخابي.
قدم وزير خارجية أستراليا اعتذاره لأسر ضحايا الأطفال الذين تعرضوا للاغتصاب من قبل القساوسة الكاثوليك بعد التحقيقات التي قامت بها المفوضية الملكية، وشملت خمسة آلاف ضحية، وهو عدد كبير يعكس حجم الجريمة وصعوبة إسدال الستار عليها كما يحاول الفاتيكان لكن بعد فوات الأوان وانتشار الفضيحة في أرجاء العالم.