بعد موجة التفجيرات في سريلانكا التي تعرضت لها بعض الفنادق والكنائس في 21 أبريل الماضي تزامنا مع احتفالية عيد الفصح، تحدثت التقارير عن ورود معلومات استخباراتية لدى السلطات السريلانكية قبل الهجوم تفيد بأن هناك مخططا لأعمال إرهابية يستهدف تلك الكنائس والفنادق، وأن متشددين إسلاميين من داخل سريلانكا هم من سيقومون بتلك الهجمات، وبمعنى آخر فإن السلطات السريلانكية مع علمها بالهجوم والعناصر المنفذة له لم تتخذ أي إجراء لإفشاله، والسبب كما يدعي رئيس الوزراء رانيل هو خلافه السياسي مع الرئيس سيريسينا الذي جعله مغيبا كمسؤول كبير ولم يحط بتلك المعلومات من الجهات الأمنية حتى يتخذ الإجراءات الأمنية الاحترازية بشأنها ويمنع ذلك الهجوم، وهو ما زاد حدة الصراع وتبادل الاتهامات بينهما بعد الهجوم. لكن ذلك لا يعفي السلطات السريلانكية من مسؤوليتها في عدم التعامل مع الهجوم قبل وقوعه خاصة انها لاتزال في حالة استعداد أمني بعد انتهاء الحرب الأهلية عام 2009 بين السنهال ونمور التاميل الانفصاليين والتي دامت 26 عاما، وارتكب الطرفان خلالها جرائم حرب فظيعة سقط فيها قرابة المائة ألف قتيل عدا الجرحى والمهجرين وما ألحقته من دمار في مناطق الحرب. ولا يعقل أن يبلغ التسيب الأمني لدى الحكومة السريلانكية حدا أن تخفق في تحذير الكنائس والفنادق الفخمة قبل الهجوم وهو أقل ما تستطيع فعله ولو أنها فعلت ذلك لكانت قد حفظت أرواح وسلامة ضحايا الهجوم.
يقول أمارناث أمارسنغام الخبير في التطرف السريلانكي والباحث في معهد الحوار الاستراتيجي لمواجهة الإرهاب ومقره في لندن: «اختيار الهدف ونوعية الهجوم تجعلاني أشك بشدة أن الهجوم نفذته مجموعة محلية من غير تورط خارجي». وما يعنيه الخبير أن العلاقة بين المسلمين السريلانكيين ونظرائهم المسيحيين هي علاقة طيبة لا تشوبها شائبة على عكس علاقة البوذيين الأكثرية بالمسلمين الذين اعتادوا اضطهاد المسلمين والاعتداء عليهم، وقد قاموا بحرق منازل المسلمين ومتاجرهم في الأعوام الماضية وهم يتمتعون بحصانة من قبل السلطات السريلانكية كونهم بوذيين، وبذلك يكون استهداف الكنائس في الهجوم بدل معابد البوذيين موضع تساؤل يضاف إلى ذلك دقة التخطيط وتزامن التفجيرات وكمية المتفجرات فيها يثير الشكوك حول تنفيذها بجهود جماعة إسلامية محلية منفردة.
رئيس سريلانكا سيريسينا يتفق مع تحليل الخبيرو وقد صرح بعد الهجوم: «لا نصدق أن الهجوم نفذته مجموعة محلية من داخل البلاد من دون تعاون مع شبكة عالمية وبدونها لن يكتب له النجاح». يبقى اللغز المحير هو من هذه الجهة الخارجية المتورطة في هذا الهجوم؟ ونأمل أن تصل السلطات السريلانكية إلى فك طلاسمه.