هي صفاقة القرن وليست صفقة القرن، لأن الصفقة تتم بعد أن يتأكد الأطراف المشاركون فيها ضمان حقوقهم ومصالحهم، أما كونها صفاقة فليس من المعقول أن يأتي من الرئيس دونالد ترامب شيء في صالح العرب إذا كان لا يخدم المشروع الاستيطاني الذي قامت عليه الدولة الصهيونية.
بالأمس أمر ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس واعترف بها عاصمة للصهاينة في جرأة لم يسبقه بها رؤساؤه السابقون، ثم تبع ذلك أن اعترف بسيادة الصهاينة على مرتفعات الجولان المحتل.
لا يمكن لهذه الصفاقة أن تثمر سلاما في منطقتنا العربية، فقد تجاوزت الحدود إلى إسقاط المبادرة العربية التي تقوم على أساس حل الدولتين، كما أكد ذلك كوشنر مستشار ترامب وصهره اليهودي المتعاطف مع الدولة الصهيونية في كلمته الافتتاحية في «ورشة السلام من أجل الازدهار» المقامة في المنامة والتي تهدف إلى جمع 50 مليار دولار لإنعاش اقتصاد فلسطين وبعض جاراتها مع تأجيل الحل السياسي الذي هو أساس المشكلة في المنطقة.
وبمعنى آخر جاء في المؤتمر ليضع العربة أمام الحصان، وكأن الأزمة في المنطقة هي أزمة اقتصادية تحتاج إلى بعض المال للخروج منها.
الذي يدل على أن الورشة محكومة بالفشل أن الطرف الفلسطيني المعني بها رفض حضورها، ووجه لها انتقادات شديدة على اعتبار أنها ورشة مشبوهة، هدفها تجاوز الالتزامات القانونية التي تحفظ حقوق الإنسان الفلسطيني في أرضه مقابل مغريات مادية.
ومنذ اتفاقية أوسلو 1993 لم يلتزم الصهاينة ببنودها القائمة على تحقيق تسوية دائمة مبنية على قرارات الأمم المتحدة التي تضمن حق عودة اللاجئين وعدم احتلال أراضي الغير وما يتبع ذلك من إقامة دولة فلسطينية، بل كان الصهاينة يتبعون سياسة المماطلة بمساندة أميركية لكسب الوقت وخلق واقع جديد من خلال ضم المزيد من الأراضي المحتلة بالقوة وإقامة المستعمرات فيها مع انتهاك واضح للقوانين الدولية وارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في غزة والأراضي المحتلة.
كان موقف الكويت رائعا ومشرفا عندما رفضت المشاركة في أعمال ورشة المنامة؛ لشعورها بأن تلك الورشة ولدت ميتة لافتقارها لعوامل النجاح والجدية في وضع حل سياسي حقيقي يضمن حقوق الفلسطينيين، ولكونها مجرد تسويق لعقلية ترامب الاستثمارية التي لا تتعامل إلا مع دولاراتنا النفطية أوكل فيها زوج ابنته الشاب، وهو مع قلة إحاطته بالشؤون السياسية للمنطقة وخلو كلماته التي ألقاها من أي قيمة سياسية، إلا أن أناقته المتألقة في قاعة الورشة كانت الشيء الوحيد الذي لفت الانتباه إليه.
> > >
عملة الهيكل عملة جديدة أصدرها الصهاينة وعليها صورة ترامب وصورة كورش (كوروش بزرك) ملك فارس القديمة تقديرا له على تحريره لليهود من الأسر البابلي، وهي رسالة غزل حميمة للنظام الإيراني الحالي الذي يواصل تقديم خدماته للصهاينة في تفتيت منطقتنا العربية.