سبق البريطانيون الأميركيين عدة عقود في إلغاء عبودية السود بعد مقاطعة البريطانيين استهلاك السكر الذي ينتج بأيدي الرقيق السود في ظروف لا تراعي كونهم بشرا مع معاملتهم بغاية القسوة والعنف.
وفي العام 1863 أصدر الرئيس الأميركي إبراهام لنكولن قرارا رئاسيا بإلغاء العبودية في الولايات المتحدة وكان قراره سببا في إشعال حرب أهلية بين الولايات المتحدة الأميركية التي أيدت القرار والولايات الكونفيدرالية الجنوبية التي أعلنت الانفصال ورفضت الانصياع له لأنه كما ترى يدمر اقتصادها الزراعي الذي يعتمد على أيدي الرقيق السود.
وإذا كان السود قد تحرروا من العبودية بعد هزيمة الولايات الكونفيدرالية لكنهم ظلوا بعدها مضطهدين يعانون التفرقة العنصرية في حياتهم اليومية ولم يسمح لهم بالاندماج في مجتمع البيض وكانوا يتعرضون للمساءلة القانونية حسب قانون (كراو) العنصري عند استعمالهم لوسائل النقل أو الجلوس في الأماكن المخصصة للبيض أو ارتياد مطاعمهم، وكانوا محرومين من الدراسة في مدارس البيض وجامعاتهم الأمر الذي جعل حياتهم لا تطاق في المجتمع الأبيض، ما دفع الرئيس جون كينيدي في العام 1963 إلى إرسال كتيبة من الحرس الوطني الفيدرالي إلى ولاية ألاباما وأرغم حاكم الولاية جورج والاس على السماح للسود بالدراسة في المدارس والجامعات المخصصة للبيض، وكان ذلك إيذانا بإنهاء حقبة الفصل العنصري في الولايات الجنوبية.
والمعروف أن جورج والاس فاز بانتخابات حاكم الولاية لأربع فترات متتالية لشعاراته العنصرية التي كان يرفعها في حملاته الانتخابية ويؤيدها غالب سكان الولاية من البيض العنصريين.
ويبدو أن هذا الإرث العنصري في أميركا أصبح متجذرا ويصعب التخلص منه.
فها هو يعود بقوة مع انتخاب الرئيس الشعبوي ترامب الذي يواصل تغريداته العنصرية الموبوءة بالكراهية ضد حاملي الجنسية الأميركية من المهاجرين ونوابهم كما حصل مع عضوات الكونغرس الأربع حيث طالبهم بالرحيل والعودة إلى أوطانهم.
حتى النائب الديموقراطي الأسود أليجا كمنج لم يسلم من فظاعة عنصريته عندما وصفه بأنه بلطجي متوحش ووصف بالتيمور مدينته التي يعيش فيها بأنها موبوءة بالجرذان.
ولفظاعة عنصريته علقت بيجي والاس ابنة الحاكم العنصري جورج والاس بامتعاض (لقد تذكرت أبي كثيرا في العام 2016) تقصد بذلك خلال حملة ترامب الانتخابية واعتبرته بأنه أسوأ من أبيها وهي تعني ما تقول لأن أباها كان حاكم ولاية بينما ترامب هو رئيس للولايات المتحدة يتمتع بحصانة رئاسية تحميه من المساءلة على مشاعر الكراهية والتحريض التي يبثها بين أفراد المجتمع الأميركي والتي تظهر نتائجها الدموية بين فترة وأخرى، آخرها منذ أيام المذبحة التي ارتكبها أميركي أبيض عنصري في متجر وولمارت في مدينة ألباسو في ولاية تكساس وسقط فيها العشرات جرحى وقتلى ذنبهم أنهم أميركيون من أصول لاتينية كان ترامب يتهمهم بأنهم مغتصبين ومجرمين.
***
لا توجد سياسة أميركية لمكافحة الإرهاب الأبيض داخل الولايات المتحدة رغم أنه أصبح ظاهرة خطيرة تهدد أمن المجتمع الأميركي. قارن موقفهم المتخاذل هذا مع موقفهم تجاه ما يسمى بالإرهاب الإسلامي.