لا ينتهي مسلسل معاناة الأقليات المسلمة في العالم. بالأمس طرد مئات الآلاف من مسلمي الروهينغيا في ميانمار إلى حدود بنغلاديش المجاورة من خلال عمليات تطهير ديني نفذها الجيش البورمي بكل الوسائل الوحشية.
في العام 1948 اغتال متعصب هندوسي متوحش الزعيم الهندي غاندي بإطلاق الرصاص عليه محتجا على دعوته إلى التسامح واحترام حقوق الأقلية المسلمة وهو الأمر الذي لم يعجب الكثيرين من الهندوس المتعصبين بالرغم من مكانة غاندي كزعيم قاد بلاده إلى الاستقلال من الاستعمار البريطاني.
لكن يبدو أن الأجواء الديموقراطية التي امتدت سبعة عقود بعد استقلال الهند بدأت تتعكر مع تسلم حزب (بهاراتيا جاناتا) الهندوسي المتطرف السلطة والذي غالبية عناصره على شاكلة قاتل غاندي وينتمي إليه رئيس الوزراء الهندي الحالي (مودي).
المعروف أن (مودي) عندما كان حاكما لولاية (كوجارات) لم يتدخل في حقن دماء مواطنيه المسلمين عندما تعرضوا إلى عمليات قتل ونهب وسلب وحرق منازلهم من قبل الهندوس المتعصبين.
ومنذ تسلم الحزب للسلطة تزايد التعصب الهندوسي وبدأت تهتز المفاهيم الديموقراطية وحقوق المواطنة حيث تشير التقارير إلى زيادة حدة اضطهاد الأقليات الدينية الأخرى ومن بينها المسلمة والمسيحية والطبقات الدنيا في المجتمع الهندوسي التي ينظر إليها باحتقار وتعامل بطريقة غير إنسانية وتتعرض نساؤها إلى اعتداءات جنسية من قبل شخصيات هندوسية متنفذة مع عرقلة مقاضاتهم قانونيا الأمر الذي دفع النشطاء السياسيين في الهند إلى مطالبة (مودي) باتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة تزايد الاعتداءات الجنسية ضد النساء، كما خرجت مظاهرات نسائية حاشدة تتهمه بعدم المبالاة بحماية المرأة الهندية.
ولا يتردد الحزب الهندوسي عن إعلان كراهيته للمسلمين فقد تعهد (أميت شاه) زعيم الحزب مع بدء الانتخابات أنه سوف يقوم بإلقاء المسلمين المهاجرين في خليج البنغال وأبدى تعاطفه مع المهاجرين الهندوس والبوذيين والسيخ ووعدهم بمنحهم الجنسية الهندية.
وما أقدم عليه رئيس الوزراء الهندوسي (ناريندرا مودي) في الخامس من أغسطس الماضي بإلغاء الحكم الذاتي الخاص بولاية جامو وكشمير المسلمة لم يكن مستغربا لأنه يعبر عن العداء الهندوسي المستفحل ضد الأقلية المسلمة في الهند وهي خطوة لم تجرؤ الحكومات الهندية السابقة على تنفيذها لأن ولاية جامو وكشمير ظلت كيانا ذا خصوصية مسلمة مستقلة منذ قرون عديدة قبل قيام الدولة الهندية عام 1947 لكنها وقعت ضحية للمستعمر البريطاني الذي باعها لمهراجا هندوسي (غولاب سنغ) عام 1839، ومنذ ذلك الحين والمسلمون فيها يتعرضون للاضطهاد الديني والسياسي والاجتماعي ولعل ضمها إلى الهند في عهد الحكومة الهندوسية الحالية سيزيد من معاناة سكانها المسلمين الذين لا يجدون من يقف إلى جانب قضيتهم العادلة.
***
نتمنى نجاح اتفاق تقاسم السلطة بين المجلس العسكري والمعارضة الشعبية في السودان إلى تحقيق الانتقال لحكم مدني والفضل يرجع إلى الربيع العربي السوداني الذي مهد الطريق إلى هذا الاتفاق.