لم تكن معطيات عزل ترامب كافية مع كل الاتهامات التي وجهت إليه مثل عرقلته للقضاء، وتصرفاته العنصرية ضد المهاجرين، وتعاطفه مع الروس الذين تدخلوا في إسقاط منافسته هيلاري كلينتون على كرسي الرئاسة، وأسلوبه الوقح في ردوده على المسؤولين الأميركيين ورجال القانون، وعدم اعترافه بظاهرة الاحتباس الحراري. ولأن الأمر لم يكن واضحا بالنسبة للمواطن الأميركي، لم يفلح الديموقراطيون في مطالبتهم بعزل ترامب. لكن بعد فضيحة مكالمته مع الرئيس الأوكراني وطلبه منه إجراء تحقيق حول النشاط التجاري للمرشح الرئاسي الديموقراطي بايدن وابنه في أوكرانيا مقابل الإفراج عن المساعدات العسكرية الأميركية لبلاده، صار واضحا لزعيمة مجلس النواب ذو الأكثرية الديموقراطية نانسي بيلوسي أن الوقت قد حان للبدء في إجراء عملية عزل الرئيس ترامب لأنه بدأ يعبث بالأمن القومي الأميركي مقابل مصالحه الانتخابية. وإذا كان مجلس النواب متفقا بالأغلبية على عزله فإن التحدي يكمن في مجلس الشيوخ ذي الأغلبية الجمهورية والذي يبدو صعوبة الحصول على ثلثي أصواته لعزل الرئيس ترامب إلا إذا اجتهد الديموقراطيون وأقنعوا ناخبي الجمهوريين بخطورة المكالمة من أجل ممارسة الضغط على ممثليهم في مجلس الشيوخ وإرغامهم على التصويت من أجل عزله على اعتبار أن الأمر يتعلق بالأمن القومي وليس مسألة حزبية. وعلى افتراض فشل إجراءات عزله فإن ترشحه لولاية ثانية عن الحزب الجمهوري لن يكتب له النجاح. أما بوريس جونسون فقد شعر بالخيبة بعد حكم المحكمة العليا البريطانية بعدم قانونية تعليق البرلمان على اعتبار أن تعليقه يحرم السلطة التشريعية من ممارسة دورها الذي يكفله لها الدستور، وهذا ما يؤكد مفهوم قاعدة الفصل بين السلطات وعدم طغيان أحدها على الأخرى، فما بالك عندما يكون التعليق في وقت حرج يتعلق بقضية كبرى معقدة استهلكت جهود البرلمان والحكومة منذ عدة سنوات دون جدوى ألا وهي كيفية الخروج من الاتحاد الأوروبي وما يتطلبه ذلك من تعاون بين السلطتين؟ ومن قبيل المصادفة أن يواجه الزعيمان ترامب وجونسون في الوقت نفسه مطالبات شعبية بالعزل والاستقالة وهما شخصيتان تجمعهما صفة الإصرار على المغامرة العمياء لكنها وجهت بشراسة، والفضل في ذلك يعود إلى الرقابة الرسمية والشعبية التي تفتقدها معظم دول عالمنا الثالث.
***
يتردد أن نظام الأقلية البعثي الطائفي قد انتصر في حربه على الشعب السوري وهو مجرد ادعاء لأن هذا النظام لم يعد يملك جيشا يحارب به بعد أن تفكك وتخلى عنه غالبية عناصره من الشعب السوري، ولم يتبق له منه غير مجموعته الطائفية القليلة يضاف إليهم استعانته بميليشيات طائفية تدفقت إليه من خارج سورية مع الدعم العسكري الروسي بالدرجة الأولى والإيراني. وهل يعد قتل النظام لشعبه وتهجيره وتدمير مدنه انتصارا؟!