في العام 1992 توجه جمع غفير من الهندوس الغوغاء المتطرفين وقاموا بهدم مسجد بابري الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن السادس عشر في مدينة أيوديا بولاية أتار براديش الهندية دون أن تتدخل السلطات الهندية لمنعهم، مما أثار حفيظة المسلمين الذين حاولوا منع الهندوس لكنهم فشلوا.
وقد تعرض المسلمون لعمليات انتقامية من الهندوس وقتل منهم المئات وحرقت منازل الكثيرين منهم وسلبت ممتلكاتهم.
وتعتبر هذه جريمة في حق المواطنين المسلمين شاركت فيها منظمات هندوسية متطرفة وحزب بهارتيا جاناتا الهندوسي مع حكومة حزب المؤتمر الوطني الحاكم في ذلك الوقت والتي ارتأت أن التدخل في منع الغوغاء الهندوس - وكان بإمكانها فعل ذلك - لا يخدم مصالحها الانتخابية.
وفي التاسع من الشهر الجاري أصدرت المحكمة العليا في الهند حكمها بتسليم أرض المسجد إلى الهندوس المعتدين لبناء معبدهم عليها وتسليم المسلمين أرضا في مكان آخر، أي بعد 28 عاما من ارتكاب جريمة هدم المسجد التي كانت معلقة في القضاء ليتم إسدال الستار عليها في ظل حكومة حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي والتي يرأسها المتطرف ناريندرا مودي بعد أن أسدل الستار على وضع كشمير وحرمانها من الحكم الذاتي التي كانت تتمتع به قبل الخامس من أغسطس الماضي.
مكمن الخطر أن الهند حادت عن طريقها الديموقراطي الذي وضعها عليه قادتها المؤسسون بعد أن وقعت في براثن الهندوس اليمينيين المتطرفين المنسلخين من التزاماتهم الوطنية تجاه الأقليات المسلمة والمسيحية وغيرها من الأقليات التي باتت تخشى على مستقبلها من التعديات الهندوسية عليها دون رقيب أو حسيب بعد حكم المحكمة العليا المتواطئ مع الحزب الهندوسي الحاكم المتهم قادته في ذلك الوقت من قبل مكتب التحقيقات الهندي بالتخطيط لهدم المسجد، مما يجعل الهند اليوم نموذجا لا يختلف عن النموذج الصهيوني المحتل حيث تصدر الأحكام دائما للتغطية على جرائم الصهاينة.
في أوروبا والولايات المتحدة تحذر الأحزاب الرئيسية والناشطون السياسيون من خطر دعوات الشعبويين واليمينيين المتطرفين على مستقبل الديموقراطية في بلادهم وتدعمهم مؤسسات المجتمع المدني بل وتقف في مواجهة دعواتهم حتى لا يصلوا إلى السلطة وقد نجحت في ذلك إلى حد كبير.
لكن في الهند الأمر يختلف تماما فالشعارات الهندوسية باتت سائدة في ظل سيطرة الحزب الهندوسي المتطرف على السلطة وإلههم (رام) كما يعتقدون يسدد خطاهم في هضم حقوق الآخرين والتعدي على أرواحهم وممتلكاتهم وأماكن عبادتهم ويحثهم على تحويل الهند إلى معبد هندوسي كبير لا مكان فيه لغير الهندوس.
بعد حكم المحكمة هتف المحامون (المجد للرب رام).
أما كبير قضاة المحكمة رانجان جوجوي فبعد قراءته للحكم أقام مأدبة عشاء لزملائه في فندق تاج ماسينغ الفاخر في دلهي وكأنه يحتفي بفوز الهند في دوري مباريات الكريكيت!