أرسلت الســفارة الهنــدية لدى الكــويت ردا علــى مـــقال الزميل سلطـــان إبراهيم الخـــلف الذي نشر يوم 21 نوفمبر الماضي بعنوان «المحكمة العليا في الهند تكافئ الهندوس المتطرفين»، معبرة عن أسفها مما تضمنه المقال من إشارات نرى أنها مرفوضة.
وقالـــت السفارة في ردها: نود أن ننقل إليكم المعلومات الواقعية التالـــية حـــول الموضوع، والتي قد ترغبون في استخدامها لتقديم صورة صحيحة لقرائكم:
٭ إن هذا النزاع، في المقام الأول يعتبر مسألة قانونية تتعلق بدعوى الملكية الخاصة بملكية الأرض.
٭ هذا الموضوع مسألة داخلية تمت معالجتها من قبل المؤسسات المنصوص عليها في دستور الهند، وهي أيضا مستقلة ولديها سجل حافل.
٭ لقد نشأ النزاع في الأزمنة التاريخية وهناك سجلات قانونية يعود إليها وجود النزاع خلال الفترة التي سبقت استقلال الهند.
٭ تمت متابعة الإجراءات القانونية اللازمة في هذا الشأن، ونظرت المحكمة العليا في الهند في أدلة متعددة، بما في ذلك حجج قام جميع أطراف النزاع بتقديمها للتوصل إلى الحكم، وأصدرت المحكمة حكما بالإجماع الذي تم قبوله من قبل جميع المجتمعات، ولن يشكل الحكم أية سوابق لمثل هذه النزاعات في المستقبل إن وجدت.
ما سبق هو رد السفارة الهندية، ونحن نعلق عليه بما يلي:
فيما يخص هدم مسجد بابري على أيدي الهندوس المتطرفين، تطرقتم في الرد على أن المسألة قانونية بحتة وقد حسمها القضاء لكن يبدو أنها سياسية بالدرجة الأولى وتصب في مصلحة حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي وتدعمها الأدلة التالية:
أولا: ظـــلت القضـية تراوح في القضـــاء لمـــدة 28 عاما منذ هدم المســـجد البابري عام 1992على أيدي الهندوس ولم يصدر أي حكم حولها خلال الحكومات التي سبقت حكومة بهارتيا جاناتا، ما يدل على أن تبعية الموقع من الصعب البت فيها، فقد كان في أيوديا العديد من المعابد الهندوسية القائمة التي يدعي كهنتها بأن إلههم (رام) ولد فيها وليس في موقع مسجد بابري بالخصوص.
ثانيا: صدر حكم المحكمة العليا لصالح الهندوس بعد تسلم حزب جاناتا بهارتيا الهندوسي السلطة وكان رئيس الوزراء مودي في حملاته الانتخابية قد تعهد أمام ناخبيه الهندوس قبل حكم المحكمة بإعادة بناء المعبد على أنقاض مسجد بابري.
ثالثا: جاء حكم المحكمة داعما لتعهد رئيس الوزراء مودي وليعطيه مبررا لبناء المعبد على أنقاض مسجد بابري، بل تعدى ذلك إلى تعزيز الحظوظ السياسية لحزب بهارتيا جاناتا وحكومة مودي بشكل أكبر.
رابعا: يفترض في مثل هذه القضية الشائكة بما تشكله من خطورة على العلاقات المجتمعية في الهند أن يصدر حكم المحكمة دون الانحياز لأي طرف حتى لا تتهم المحكمة بعدم الموضوعية خاصة في مثل هذه الأجواء التي يغلب عليها التطرف الهندوسي وشعاراته المناهضة للأقليات غير الهندوسية وعلى رأسها الأقلية المسلمة التي طالما عانت من حملات التشهير والكراهية والتحريض التي يبثها مرشحو حزب بهارتيا جاناتا خلال حملاتهم الانتخابية لكسب المزيد من التأييد الشعبي.
كما أن الحكم يعطي شرعية مبطنة لجريمة هدم المسجد على أيدي الهندوس ومحرضيهم من حزب بهارتيا جاناتا الذي يتهمه تقرير مكتب التحقيقات الهندي بالمشاركة في جريمة الهدم وما تبعها من اعتداءات طالت أرواح وممتلكات المسلمين التي مرت دون ملاحقة قانونية لمرتكبيها.
وفوق أن هذا الحكم سيعزز من الحظوظ السياسية لحزب بهارتيا جاناتا الحاكم، فإنه سيشجع على تكريس التعصب لعقيدة (هندوتفا) الهندوسية التي يعتنقها الحزب وسيزيد من الاضطهاد الديني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي للأقليات الهندية غير الهندوسية من مسلمة ومسيحية وغيرهما من قبل الهندوس المتعصبين ويساعد على انحراف الهند عن مسارها الديموقراطي والعلماني والتخلي عن روح التسامح الديني وهي الأسس التي قامت عليها الهند الحديثة.