بدأ المستقبل البعيد يرسم ملامح معالمه، بالعودة إلى أصل ارتكاز الوجود الإنساني للقارة الأم أفريقيا، فمع تفاقم المشكلات الحيوية المنذرة بكوارث حقيقية من مجاعات وأوبئة وجفاف، تشع أفريقيا الخضراء بنبضات الحياة الزاخرة بمصادر المياه والطاقة المتنوعة وثرواتها المعدنية والحيوانية. لذا، هناك اهتمام بعدد من الدول مؤخرا باعتبارها أسواقا واعدة، فالاستثمارات المتصاعدة تعكس صورة الاقتصاد المرن الذي يستوعب الحالة الجيوسياسية للقارة بمنعطفاتها الحادة التي تعاني منها لغياب العدالة المجتمعية والشفافية، وضعف البنية التحتية وقلة توافر الأيادي العاملة المدربة، بالإضافة إلى تذبذبات أسعار الصرف المؤثرة سلبا على المناخ الاستثماري للمنطقة، وهذا ما دفع الدول الأفريقية في الآونة الأخيرة إلى عمل تكتلات إقليمية لتعزيز التكامل الاقتصادي فيما بينها وإطلاق البنية التحتية الارتكازية لزيادة قدرتها الاستيعابية على ضم المشاريع الكبرى، بهدف استقطاب الدول التي تمتلك استراتيجيات نمو اقتصادي طويل الأجل، وهذا ما خلق تنافسا قويا حولها من قبل الشركات اليابانية والصينية بقطاعات الزراعة والطب والتعدين، إلى الجانب المستثمر الخليجي الذي وجد من أفريقيا فرصة لخلق مصادر دخل متنوعة له من خلال الاستثمارات المرتكزة على الثروات الطبيعية الغنية لأفريقيا، وتطويعها وفقا للإمكانيات العلمية والتكنولوجية، لدعم التوجه العام الدولي نحو الاقتصاد الأخضر. لتتبلور هنا فكرة تدشين عملة دولية موحدة تعنى بالدول الشرق أوسطية والتي تضم دولا من آسيا وأفريقيا ذات الموارد الطبيعية والحيوية، ونعرفها بـ «آسفر»، لتكون الوسيلة العملية لمجابهة التقلبات الاقتصادية التي تشهدها الساحة الدولية الحالية والأزمات المستقبلية المتوقعة، بهدف تحقيق التكامل الاقتصادي وتسهيل عمليات التجارة البينية فيما بينها، بالإضافة إلى ربط اقتصادات تلك الدول بعضها ببعض وتجنيبها المخاطر الاقتصادية المرتبطة بالعملات، مع العمل على توحيد النظام الضريبي للدول المختلفة.
ولتتحقق تلك الفكرة الرائدة التي تتوق لها الحياة الاقتصادية المستقبلية لابد من إنشاء اتفاقية اتحاد دولي تعتمد بنودها على إضفاء الشرعية والإلزامية لعملة «آسفر» التي يمكن إصدارها كعملة نقدية ورقمية يسهل التعامل بها مع ضرورة توضيح كيفية التعامل الآمن بها وطرق تداولها.
[email protected]