إن التبادلات النفطية معقدة تعقيدا كبيرا، وسوقها متعدد المساحات والتوجهات، وهنالك بورصة لها، ومنها ما يخضع لـ «برينت» ويسمى WTI ويتعلق بالنفط الخفيف.
أما النفط الأكثر ثقلا الذي يأتي تحت WTI، فلا يحول رأسا على البواخر، بل يشحن بأنابيب إلى مسافات طويلة، لذلك يختلف من حيث التسعير إذا ما تم تبادله.
وهنالك النفط الصخري الذي تستخرجه أميركا بأسلوب مختلف يعتمد على ضخ الماء الساخن داخل الأرض لدفع النفط خارج الآبار.
فهل للصراعات النفطية أثر في الصراعات العالمية؟!
وهل أسعار النفط حقيقية بتبادل معلن يجري فوق الطاولة وفي العلن؟
اللاعبون على الطاولة كثر، ومنهم: «أوپيك، أوپيك بلس، وروسيا، وروسيا بلس، وأميركا، وأميركا بلس»، وهنالك صراعات كثيرة من باب المصالح، ونحن إذ نتكلم عن موضوع كثير التعقيد، يمكن تشبيهه بالفوضى الخلاقة، فإننا نعي أن هذه الفوضى الخلاقة أسبابها تاريخية لأن أميركا لا تريد أن يخضع النفط لاتفاقات دولية.
وهنالك مضاربات على الأسهم النفطية، وهو موضوع منفصل عن التعامل التجاري النفطي، ولكنه يؤثر على الأسعار.
فعندما يكون هنالك طلب كبير، وازدهار، يرتفع سعر السهم، أو العكس، وغني عن القول إن أسعار النفط يحكمها قرار «سياسي»، أكثر مما يحكمها العرض والطلب.
وقد بنيت «التبادلات النفطية» على أساس من الضغوطات، ففي الفترة التي انخفض بها النفط لأدنى مستوى، قامت أميركا بملء خزاناتها الاحتياطية، على كثرتها. وبدل السبب يستحدثون ألف سبب لينخفض سعر النفط، والهدف هو «ملء أميركا لخزانتها».
هذا الموضوع المعقد يزداد تعقيدا يوما بعد يوم، والحل المطلوب هو وضع نظام عالمي يحكم التسعير وأطر التبادلات.
فإذا لم يتم ذلك فستبقى ساحة النفط ساحة لعب للكبار يتنافسون، وينهون حساباتهم فيها، في ظل غياب تام لحس المسؤولية، لما قد يوقع الضرر على بعض الدول البسيطة التي لا تملك عضلات سياسية ولا اقتصادية تدافع فيها عن تسعيرة نفطها.
فكيف لنا أن نفهم أن الفرق بين سعري النفط في يومين متتاليين يصل لأكثر من خمسين دولارا.
إنها أزمة.
ولن تحل إلا باتفاقية تحكم التجارة في هذه السلعة، تماما كأي سلعة، وحسب توجهات السوق. أما المضاربون فلهم دور كبير يؤثر على السعر، بالإضافة إلى الدول المستفيدة المنتجة، وقليل من الدول ستكون فائزة، ولسوء حظ أميركا أن الصين هي أحد الأطراف التي ستستفيد من انخفاض سعر النفط لأنها ليست لاعبا به ولا منتجة له، بل هي مستهلك صاف.
وإن المستفيد الأكبر هو المواطن الأميركي، لأن أسعار النفط في محطات البنزين لا تحدد بقرار حكومي، بل هناك عداد يقوم بتغيير السعر باستمرار.
وأخيرا.. فإن أزمة النفط قديمة جديدة.
وأشهد بصفتي احد الموقعين على مجلس خبراء المنظمة العالمية للتجارة (WTO) ان أميركا أصرت على أن «لتجارة النفط خصوصيتها» التي تجعلها ليست كأي تجارة، إذ إن منظمة التجارة العالمية كانت قد صاغت اتفاقيات لتجارة السلع العالمية، إلا النفط، الذي عدته ليس سلعة، بل مادة إستراتيجية، ولا يجوز أن يوضع لها إطار يقيدها وبتنا أمام مشكلة، إذ لا نظام يحكم التبادلات النفطية إلى الآن.
[email protected]