بعد أشهر على رحيل قائد الإنسانية سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، تحققت مساعيه الحميدة التي تكللت بالنجاح بعد انعقاد القمة الخليجية الـ 41 في المملكة العربية السعودية في 5 يناير 2021، ومن حسن الطالع.. الرغبة الحقيقية بين الأشقاء في عودة المياه الخليجية إلى مجاريها العذبة التي تعكس مدى اللحمة الأخوية والتاريخ المشترك بين شعوب الخليج وعلاقاته المتينة.. إن طال الزمان أو قصر والأوفياء لم يغيبوا عن القمة بل كانوا حاضرين رغم رحيلهم وكل الوفاء بإطلاق اسمي الكبيرين الراحلين السلطان قابوس بن سعيد والشيخ صباح الأحمد على القمة الخليجية الـ 41.
وعلى الرغم من عدم حضور بعض الأقطاب الخليجية للقمة بعد الدعوة التي توجهت بها المملكة العربية السعودية، إلا أن القمة أثمرت وأزهرت بفتح الأجواء بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر الشقيقة، ومن الضروري التأكيد على دور الكويت الكبير في المساعي الحميدة منذ بدايات الأزمة لرأب الصدع بين دول المقاطعة وبين دولة قطر وعلى الإعلان الكبير والتاريخي التي أعلن عنه وزير الخارجية الكويتي الشيخ د.أحمد ناصر المحمد الصباح بالتوصل إلى اتفاق يتم بموجبه فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين قطر والدول المقاطعة، والجميل أن هذه الخطوة جاءت مقدمة لقمة المصالحة، والأجمل ما حصل من اتفاق على طي صفحة الخلاف والتنازل الأخوي ما بين الفرقاء.
لقد تكلل حضور أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وقبول الدعوة الى القمة الخليجية الـ 41 بادرة للرغبة الحقيقية في إعادة العلاقات الخليجية إلى سابق عهدها، وتتطلب المرحلة المقبلة الكثير من التعاون للنهوض بالمنطقة الخليجية بعد ما عصفت بها من تحديات وأجواء أثرت على الاقتصاد الخليجي ومستقبل الأجيال القادمة، لذا تتطلب المرحلة المقبلة تعزيز التعاون على العمل الخليجي المشترك، فكان البيان المختصر الذي دل على الخارطة الجديدة لتكاتف الجهود.
بدءا من استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة وبلورة سياسية خارجية موحدة، تفعيل دور «المركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها» الذي تم تأسيسه في هذه القمة، واستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة عبر المشاريع المختلفة ومساواة بين مواطني المجلس في الحصول على حقوق المواطنة أينما تواجد في دولة من دول الخليج، استثمار طاقات الشعوب الخليجية وإشراك قطاع الأعمال.
إن التأكيد على مبدأ تعزيز أدوات مكافحة الفساد عبر الحوكمة الشفافة يعكس الإصرار بين حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على تنقيح وتنقية الفصل السابق من عمر الحكومات الخليجية بادرة وعي وحنكة تضمن الاستقرار لشعوب المنطقة عبر تعزيز آليات العمل العسكري وطاقاته وإمكاناته وعبر توحيد المواقف الخليجية في مجابهة التحديات التي تعصف بالمنطقة، واجهة لكتلة خليجية قوية أمام المسرح السياسي الدولي، لذلك جاءت قمة العلا بمنزلة الدار الكبيرة التي جمعت بين الفرقاء الأحبة، وعلى قادتنا في دول مجلس التعاون والشعوب الخليجية عدم الانزلاق إلى الخلاف لأن توحيد المواقف توحيد للصفوف الخليجية.
[email protected]