للديبلوماسية الخارجية دور كبير في التقريب بين شعوب العالم خصوصا بعد أن أصبحت المحافل الدولية منصات أممية تخصص لمناقشات وقرارات التقارب الإنساني والثقافي والفكري والديني عبر تأسيس الرابطات، والدعوة إلى الملتقيات والمؤتمرات التي تخص البلاد والعباد والمال.
وللحفاظ على الإنجازات الدولية في الأقاليم والدول ومن خلال برنامج هيكلة الحكومات إداريا.. يفرز الكرسي الوزاري الأكثر مسؤولية وحرصا على نقل الصورة الحضارية لأي بلد عبر وزيرها للخارجية والذي عليه أن يتمتع بالأخلاقيات الديبلوماسية والأعراف الدستورية، عبر التمثيل السياسي الذي يهدف إلى تقريب ثقافات الشعوب فيما بينها وذلك للحد من المنازعات الدولية على الحدود البرية أو البحرية، وهو حق أصيل في التواجد السياسي للدولة المعنية ممثلة بوزير خارجيتها.
وهذا ينطبق على كل بلد في العالم لما لوزير الخارجية من دور في عكس صورة بلاده أمام المجتمع الدولي.
وبالحقيقة ليست هذه المقدمة لمقالي إلا للحديث عن ضرورة التنسيق بين الدول ولا يكون إلا بحنكة وسياسة وزير خارجية أي دولة.
وللأسف وليس على سبيل التحديد في هذا السياق وأخص عالمنا العربي والخليجي بدت مناحي الديبلوماسية أو مدارسها في تراجع واضح بعد ما تمر به المنطقة عبر أكثر من عقد من الزمان.
أصبح عالمنا فوضى سياسية لم نعتدها في زمن مؤسسي المدارس الديبلوماسية الخارجية الفعالة والمنجزة، لمصلحة شعوب المنطقة العربية والإسلامية وخير مثال المغفور له قائد الإنسانية سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد وكذلك وزير خارجية المملكة العربية السعودية الراحل سمو الأمير سعود الفيصل، وهو ثالث وزير للخارجية، السعودية عمل من 1975 إلى 2015 وبعد تقاعده أصبح وزير الخارجية الأطول خدمة في العالم، كان لدوره الديبلوماسي الأثر الكبير في القضايا العربية الكبرى والخليجية.
ولن نبتعد عن واقعنا الكويتي فعن شيخ الديبلوماسيين العرب الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه أتحدث، الذي عمل لأكثر من أربعة عقود وزيرا للخارجية الكويتية، ليكون مدرسة ننهل من مواقفه معاني الخطاب والحوار السياسي بحنكته في الديبلوماسية وفك المنازعات، وعلى الرغم من صغر مساحة الكويت إلا أن الأمم المتحدة منحتها اسم «مركز للعمل الإنساني»، لتكون في عيون العالم «بلد الإنسانية»، بل وعظم دور وزارة الخارجية الكويتية في مواقفها الواضحة وبياناتها من أي تعد سياسي على دول مجلس التعاون، وحتى على الأوطان العربية، لتثبت خارجيتنا بدورها أن الديبلوماسية خلقت للتقريب بين شعوب العالم وعكس الوجه الحضاري للشعوب العريقة، وخير مثال على أن الكويت لا تزال مستمرة على النهج القويم من خلال وزير خارجيتها الحالي الشيخ د.أحمد ناصر المحمد، ونحن نلمس ذلك من جهوده ونعتز بالأسلوب الراقي له في تعامله وحين إعلان البيانات السياسية وشجب الممارسات المستحدثة لدى البعض على المدارس الديبلوماسية للخارجية العربية.
ولذلك تستهجن الكويت ما يخالف أدبيات العمل الديبلوماسي، وعليه يجب أن يعي اليوم كل من يمثل وزيرا للخارجية لبلده قبل الخوض في أي حديث على مستوى دولي خارجي أو محلي من إخواننا العرب مدى التأثير على بني جلدته في بلد الاغتراب، فهناك مصلحة بعيدة يجب أن تكون عبر التقارب بين الشعوب ليحل السلام والاستقرار وتسير عجلة التنمية في فلكها الوطني الصحيح بدون أي تهديد خارجي.