عاد شهر رمضان المبارك ليفيض علينا من بركات الله عز وجل ورحمته، هذا الشهر الذي أنزل فيه الله القرآن الكريم دستور الدين القويم في ليالي القدر المباركة دين التوحيد ديننا الإسلامي الحنيف، فالحمد لله الذي مد في أعمارنا لندرك شهر رمضان لهذا العام، ورحم الله من لم يدركه وكان صائما معنا العام الماضي.
وبدوري أتقدم بأسمى آيات التهاني والتبريكات من مقام صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد، حفظهما الله، والشعب الكويتي والأمة العربية والإسلامية جمعاء.
إن لهذا الشهر الكريم نفحات إلهية يفيض بها الله تعالى على عباده المخلصين الصادقين والعاملين بطاعاته، جعلنا الله وإياكم منهم، واستذكر ذلك الجو الروحاني في ليالي التراويح وتلك الجمعات العائلية التي نشعر بها بالدفء العائلي مع الوالدة والوالد والإخوة والأخوات، رحم الله الراحلين منهم وحفظ الباقين بصحة وعافية.
كنا في شهر رمضان نشعر بفرحة لا توصف بين جيران الفريج الواحد، وتلاقينا والسماحة في وجوه الأقارب والخلان، وتلك اللقاءات في الغبقات في بيوت الأهل أو مع الأصدقاء في الديوانيات، أما الشاشة الفضية فحدث ولا حرج عن تلك المسلسلات الكويتية في ذاك الزمن الجميل التي حملت الرسائل الأخلاقية وهموم المواطن والحلول لمشاكل المجتمع وسمات وعادات مجتمعنا الكويتي والخليجي والعربي الإسلامي.
هكذا كانت أجواء رمضان التي مازلت أطمع في أن تحتفظ بها ذاكرتي للأبد، وتلك الذكريات الجميلة التي أسعد إن تعرفوا إليها أولادي وأحفادي، ولكن نحن اليوم نعيش في رمضان نفاقا اجتماعيا، أصبحت العلاقات واللقاءات مع الأهل والأصدقاء فيها نوع من الكلافة والمجاملة، وقد نكتفي بالمراسلات الإلكترونية مع الأعزاء لأسابيع من رمضان، والتواصل الاجتماعي أصبح ظاهرا، أما الباطن فكثير ما تكون المصلحة تطلب من هنا وهناك.
ومن المظاهر السلبية التي نعاني منها في رمضان، أولاها المسلسلات الرمضانية التي لا تمت لعاداتنا بصلة، بل إنها دخيلة على ثقافتنا الكويتية والخليجية المحافظة، وذلك لأننا نعيش أزمة نصوص قلتها في لقاءات إعلامية كثيرة، وأصبحت تصرفات البعض في شهر رمضان مظهرا من مظاهر الإسراف في الطعام والموائد والشكليات المكلفة، كما أن من الأمور المزعجة تقلب منام الصائم رأسا على عقب ليشعر الصائم بالخمول والكسل طيلة نهار رمضان، ومن الظواهر الحديثة على الكويت وانتشرت بشكل كبير، وشددت عليها وزارة الداخلية في تصريح لها مؤخرا عن الحد من ظاهرة التسول خلال الشهر الكريم.
إن شهر رمضان المبارك فرصة لإعادة النظر في السلوك الأخلاقي والروتين اليومي، ويجب معالجة كل السلبيات التي تعكر صفو روحانيات هذا الشهر الكريم، بالذكر والإخلاص في المعاملة أمام الله سبحانه في مجتمع مسلم محافظ، فلنجعل من شهر الصيام فرصة للتغيير في السلوك الأخلاقي والديني إلى الأفضل، والحرص على الالتزام بالطاعات لما يحبه الله ويرضى.
[email protected]