الرحيل موجع.
الرحيل المفاجئ أكثر إيلاما ووجعا وأشد حرقة.
في الرحيل الأول أنت تتوقع الرحيل ويكون في روحك جزء من الاستعداد لغياب غال على قلبك وعقلك وذكرياتك، وكان هذا إلى حد ما ما حصل لي عند وفاة والدتي رحمها الله العام قبل الماضي، كنت أعلم بقرب رحيلها، ورغم كبر الفاجعة عند إعلان وفاتها إلا أن توقع رحيل الغالية كان له أثر في تغليب الصبر رغم ثقل المصاب.
أما في الرحيل الثاني، الرحيل المفاجئ فأنت بين الصدمة والمصيبة فلا يكون للصبر مكان الا ما ألهمك الله به، موجع، مؤلم، ثقيل، صادم موحش جدا، لا تعرف كيف حصل أو لماذا أو ما الذي سيحصل؟! وهذا ما حدث عند وفاة شقيقتي د.سلوى بورسلي في ألمانيا، وتلقيت خبر وفاتها في غربتها طلبا للعلم، صدمتي كانت في رحيلها المفاجئ رحمها الله، وهي الطبيبة العالمة المجتهدة الجادة الملتزمة، مصيبتي في رحيلها أنها بمنزلة ومقام والدتي، فقد كانت والدتي مقاما وخلقا وعلما وأدبا بعد رحيل والدتي.
قدر الله وما شاء فعل، ولله ما أعطى ولله ما أخذ، فهذه تصاريف الأيام وصواديفها، رحلت في رحلة طلب علم، وهي الطبيبة المتخصصة في مجال نادر كانت تريد أن تخدم به بلدها يشهد لها القاصي والداني، رغم بعدها عن أضواء الإنجازات، وكانت رحمها الله ترى أن مكافأتها كطبيبة هي دعوات المرضى الذين تعالجهم ولا تريد أكثر، لم تبحث عن خبر ينشر عن بحث لها ولا صور تنشر لتكريم لها بل لم تبحث عن التكريم إلا في عيون من تخفف آلامهم من مرضاها، هذه كانت مكافأتها وهذا هو تكريمها كما كانت تريد، وأعلم أن كثيرا من مرضاها وممن أشرفت على علاجهم أو زاملتهم سعوا لها بالدعاء عند إعلان خبر وفاتها.
بطبيعة الحال عند تلقي خبر وفاتها في ألمانيا سافرت كوني شقيقها بعد أن أبلغتني وزارة الخارجية الكويتية بالأمر وسهلوا مشكورين لي استخراج الفيزا لاتسلم جثمانها والعودة به الى الكويت لتدفن في تراب ارض الوطن.
ما ساءني والله وصعب علي مصيبتي عندما بدأت حسابات وهمية بنسج وهم عن سبب وفاتها واختلاق أمور ما انزل الله بها من سلطان، وفاتها طبيعية ومفاجئة لا يوجد أكثر من ذلك، أما من اختلق من أصحاب الحسابات ونسج الوهم فحسبنا الله بهم، لم أتحدث إلى أي جهة إعلامية رغم كوني إعلاميا لمعرفتي ويقيني ان الأمر قضاء وقدر.
لا أنسى بعد أن بحت بما بحت به ان أكرر شكري لنائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الصباح ونائب الوزير خالد الجارالله والسفير الكويتي بألمانيا نجيب البدر والقنصل خالد المطيري وأركان السفارة والقنصلية في فرانكفورت على جهودهم مع السلطات الألمانية في كشف الحقيقة وأوجه شكري الخاص لمحامي العائلة أخي وابن عمي رسلي بورسلي، ولا أنسى كل من وقف معنا في مصابنا من أبناء الشعب الكويتي والأصدقاء والزملاء والجيران فكان لكل منكم اثره الطيب في كلماته، لا أراكم الله مكروها في عزيز.
[email protected]